للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَوْ ثَلَاثًا إِلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ) .. فَثَلَاثٌ عَلَى الصَّحِيحِ. وَلَوْ قَالَ: (أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ شَاءَ اللهُ)، أَوْ (إِنْ لَمْ يَشَأِ اللهُ) وَقَصَدَ التَّعْلِيقَ .. لَمْ يَقَعْ، وَكَذَا يَمْنَعُ انْعِقَادَ تَعْلِيقٍ وَعِتْقٍ وَيَمِينٍ

===

أصحهما: الأول، ومنه يعلم مأخذ الوجهين في مسألة الكتاب.

(أو "ثلاثًا إلا نصف طلقة" .. فثلاث على الصحيح) لأنه إذا استثنى بعض طلقة .. بقي بعضها، ومتى بقي .. كملت، والثاني: يقع ثنتان، ويجعل استثناء النصف كاستثناء الكل، والصحيح: الأول؛ لأن التكميل إنما يكون في طريق الإيقاع؛ تغليبًا للتحريم.

(ولو قال: "أنت طالق إن شاء الله"، أو "إن لم يشأ الله" وقصد التعليق .. لم يقع) أما في الأولى .. فلقوله عليه السلام: "مَنْ حَلَفَ ثُمَّ قَالَ: إِنْ شَاءَ الله .. فَقَدِ اسْتَثْنَى" حسَّنه الترمذي، وقال الحاكم: صحيح الإسناد (١).

وهو عام في الطلاق والأيمان، وفي "معرفة الصحابة" لأبي موسى الأصفهاني من رواية معدي كرب مرفوعًا: "مَنْ أَعْتَقَ أَوْ طَلَّقَ وَاسْتَثْنَى .. فَلَهُ ثنيَاهُ" (٢)، وقياسًا على التعليق بالشروط والصفات، والمعنى في عدم الوقوع: أن مشيئة الله لا تدرى، فصار الوصف المعلق عليه مجهولًا.

وأما في الثانية .. فلأن عدم المشيئة غير معلوم؛ كما أن المشيئة غير معلومة؛ ولأن الوقوع بخلاف مشيئة الله تعالى محال، فأشبه قوله: (إن صعدت السماء .. فأنت طالق).

واحترز بقوله: (وقصد التعليق) عما إذا قصد التبرك، أو سبقت كلمة المشيئة إلى لسانه؛ لتعوده بها، ونحو ذلك؛ فإنه يقع.

(وكذا يمنع) الاستثناء (انعقاد تعليق) كقوله: (أنت طالق إن دخلت الدار إن شاء الله)، (وعتق) كقوله: (أنت حر إن شاء الله)، (ويمين) كقوله: (والله


(١) سنن الترمذي (١٥٣١)، المستدرك (٤/ ٣٠٣)، وأخرجه ابن حبان (٤٣٣٩)، والنسائي (٧/ ٢٥)، عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(٢) انظر "التلخيص الحبير" (٥/ ٢٤٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>