للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ فِي عَدَدٍ .. فَالأَقَلُّ، وَلَا يَخْفَى الْوَرَعُ. وَلَوْ قَالَ: (إِنْ كَانَ ذَا الطَّائِرُ غُرَابًا .. فَأَنْتِ طَالِقٌ)، وَقَالَ آخَرُ: (إِنْ لَمْ يَكُنْهُ .. فَامْرَأَتِي طَالِقٌ) وَجُهِلَ .. لَمْ يُحْكَمْ بِطَلَاقِ أَحَدٍ، فَإِنْ قَالَهُمَا رَجُلٌ لِزَوْجَتَيْهِ .. طَلُقَتْ إِحْدَاهُمَا وَلَزِمَهُ الْبَحْثُ وَالْبَيَانُ. وَلَوْ طَلَّقَ إِحْدَاهُمَا بِعَيْنِهَا ثُمَّ جَهِلَهَا .. وُقِفَ حَتَّى يَتَذَكَّرَ، وَلَا يُطَالَبُ بِبَيَانٍ إِنْ صَدَّقَتَاهُ فِي الْجَهْلِ.

===

(أو في عدد) أي: تحقق وقوع الطلاق، وشك في عدده ( .. فالأقل) لأنه اليقين، والأصل: عدم الزائد، (ولا يخفى الورع) في الصورتين: [وهو الأخذ بالأحوط، (١) فيراجع في الأولى إن كان له الرجعة، وإلا .. فيجدد نكاحها إن كان له فيها رغبة، وإلا .. فلينجز طلاقها؛ لتحل لغيره يقينًا، وفي الثانية: إن شك في أنه طلَّق ثلاثًا أو ثنتين .. لم ينكحها حتى تنكح زوجا غيره، وإن شك هل طلق ثلاثًا أم لم يطلق شيئًا؟ طلقها ثلاثًا لتستبيح نكاح غيره بيقين؛ كذا قاله الرافعي (٢)، وفيه نظر؛ فإنها تحل لغيره في الصورة الثانية بأي شيء أوقعه ولو طلقة.

نعم؛ فائدة إيقاع الثلاث: أنه لو تزوجها بعد دخول الثاني بها وتطليقه إياها .. ملك عليها الثلاث بيقين.

(ولو قال: "إن كان ذا الطائر غرابًا .. فأنت طالق"، وقال آخر: "إن لم يكنه .. فامرأتي طالق"، وجهل .. لم يحكم بطلاق أحد) لأنه لو انفرد أحدهما بما قال: لم نحكم بوقوع طلاقه؛ لجواز أنه غير غراب، والأصل: بقاء النكاح، فتعليق الآخر لا يغيِّر حكمه.

(فإن قالهما رجل لزوجتيه .. طلقت إحداهما) لأنه لا بدَّ فيه من أحد الوصفين؛ إذ ليس بين النفي والإثبات واسطة، (ولزمه البحث والبيان) والامتناع عنهما إلى أن يتبيَّن الحال؛ لجواز أن يكون عنده علم منه.

(ولو طلق إحداهما بعينها ثم جهلها) بنسيان ونحوه ( .. وقف) عنهما (حتى يتذكر) وجوبًا؛ لأن إحداهما حرمت عليه بالطلاق، والأخرى بالاشتباه.

(ولا يطالب ببيان إن صدقتاه في الجهل) لأن الحق لهما، وإن كذبتاه أو بادرت


(١) ما بين المعقوفين زيادة من (ز).
(٢) الشرح الكبير (٩/ ٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>