للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ قَالَ الْمُعَلَّقُ بِمَشِيئَتِهِ: (شِئْتُ) كَارِهًا بِقَلْبِهِ .. وَقَعَ، وَقِيلَ: لَا يَقَعُ بَاطِنًا. وَلَا يَقَعُ بِمَشِيئَةِ صَبيَّةٍ وصَبيٍّ، وَقِيلَ: يَقَعُ بِمُمَيِّزٍ. وَلَا رُجُوعَ لَهُ قَبْلَ الْمَشِيئَةِ. وَلَوْ قَالَ: (أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاَثًا إِلَّا أنْ يَشَاءَ زَيْدٌ طَلْقَةً) فَشَاءَ طَلْقَةً .. لَمْ تَطْلُقْ، وَقِيلَ: تَقَعُ طَلْقَةً. وَلَوْ عَلَّقَ بِفِعْلِهِ فَفَعَلَ نَاسِيًا لِلتَّعْلِيقِ أَوْ مُكْرَهًا .. لَمْ تَطْلُقْ فِي الأَظْهَرِ،

===

(ولو قال المعلق بمشيئته: "شئت" كارهًا بقلبه .. وقع) ظاهرًا وباطنًا؛ لأن المعلَّق عليه ذلك، (وقيل: لا يقع باطنًا) كما لو علق بحيضها .. فأخبرت به كاذبة.

وفرق الأول: بأن التعليق في الحقيقة على لفظ المشيئة، وقد وجد، بخلاف الحيض.

(ولا يقع بمشيئة صبية وصبي) لأنه لا اعتبار بمشيئتهما في التصرفات، (وقيل: يقع بمميِّز) لأن مشيئته معتبرة في اختيار أحد أبويه، أما غير المميز .. فلا يقع بمشيئته جزمًا، والحكم في المجنون والمجنونة كذلك.

(ولا رجوع له قبل المشيئة) كسائر التعليقات.

(ولو قال: "أنت طالق ثلاثًا إلا أن يشاء زيد طلقة"، فشاء طلقة .. لم تطلق) وهو استثناء من أصل الطلاق؛ كما لو قال: (أنت طالق إلا أن يدخل أبوك الدار)، فدخل، ولو شاء أكثر من طلقة فقد شاء طلقة وزاد .. فلا يقع أيضًا شيء، فإن لم يشأ شيئًا .. وقع الثلاث، (وقيل: تقع طلقة) ويكون التقدير: (إلا أن يشاء زيد واحدة) فتقع، فيكون الإخراج من وقوع الثلاث لا من أصل الطلاق، وقيل: يقع طلقتان، والتقدير: (إلا أن يشاء عدم وقوع واحدة)، فيقع الباقي.

(ولو علق بفعله) أي: بفعل نفسه (ففعل ناسيًا للتعليق أو مكرهًا .. لم تطلق في الأظهر) لقوله عليه السلام: "وُضِعَ لِي عَنْ أُمَّتِيَ الْخَطَأُ، وَالنِّسْيَانُ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ" (١) رواه ابن ماجه، وصححه ابن حبان والحاكم (٢).


(١) الذي في "الروضة" [٨/ ١٩٣] وغيرها من كتب الفقه، والجاري على ألسنة الفقهاء "رفع عن أمتي"، وقال المنكت [٦/ ٤١٥] وغيره: إنه لم يوجد بهذا اللفظ في الحديث، والمشهور: "وُضِعَ لِي عَنْ أُمَّتِي"، وقال: إن رواية: "رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي" في "الأحكام الكبرى" لعبد الحق، فليحرر. اهـ هامش (أ).
(٢) سنن ابن ماجه (٢٠٤٥)، صحيح ابن حبان (٧٢١٩)، المستدرك (٢/ ١٩٨) عن ابن عباس رضي الله عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>