للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلِوَلَدِ غَيْرِهِ: (لَسْتَ ابْنَ فُلَانٍ) صَرِيحٌ، إِلَّا لِمَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ. وَيُحَدُّ قَاذِفُ مُحْصَنٍ، ويُعَزَّرُ غَيْرُهُ. وَالْمُحْصَنُ: مُكَلَّفٌ، حُرٌّ، مُسْلِمٌ، عَفِيفٌ عَنْ وَطْءٍ يُحَدُّ بِهِ

===

وقيل: إنه صريح؛ قياسًا على الفرج؛ لأنه أضاف الزنا إلى عضو من الجملة، وأما في الثانية .. فلأن الأب يحتاج في تأديب الولد إلى مثل هذا الكلام؛ زجرًا له، فيحمل على التأديب.

(ولولد غيره: "لست ابن فلان" .. صريحٌ) في قذف أمه؛ لأنه لا يحتاج إلى تأديب ولد غيره، والطريق الثاني: حكاية قولين في ولده وولد غيره؛ أحدهما: أنه صريح فيهما؛ لأنه السابق إلى الفهم؛ لأنه لا يحتمل غير القذف.

(إلا لمنفي بلعان) أي: إذا قال لمن نفى نسبه في حال انتفائه: (لست ابن فلان) -يعني: الملاعن- .. فليس بصريح في قذف أمه؛ لجواز إرادة لست ابنه شرعًا، أو لست تشبهه خَلْقًا وخُلُقًا، فإن قال: (قصدت القذف) .. رتب عليه موجبه؛ من حد أو تعزير، أو (لم أرد قذفًا) .. حلف وعزر؛ للأذى، ولو قال له ذلك بعد استلحاق النافي له .. كان صريحًا في القذف على المذهب، اللهم؛ إلا أن يدعي احتمالًا ممكنًا؛ كقوله: (لم يكن ابنه حين نفاه)، فإنه يصدق بيمينه؛ كما رجحه في "زيادة الروضة"، ونقله عن الماوردي (١).

(ويحد قاذف محصن) لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} الآية، (ويعزر غيره) أي: قاذفُ غير المحصن؛ كالعبد والصبي والزاني؛ للإيذاء.

(والمحصن: مكلف، حر، مسلم، عفيف عن وطء يحد به) بالاتفاق؛ لأن الله تعالى شرط فيه الإحصان، وهو الكمال، وأضداد ما شرطناه نقص.

وفي الخبر: "مَنْ أَشْرَكَ بِاللهِ .. فَلَيْسَ بِمُحْصَنٍ" (٢)، وإنما جعل الكافر محصنًا في حد الزنا؛ لأن حده إهانة له، والحد بقذفه إكرامٌ.


(١) روضة الطالبين (٨/ ٣٢٠).
(٢) أخرجه الدارقطني (٣/ ١٤٧)، والبيهقي (٨/ ٢١٦)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (٢٩٣٤٩)، وانظر "التلخيص الحبير" (٦/ ٢٧٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>