للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنَّمَا يُفْسَخُ بِعَجْزِهِ عَنْ نَفَقَةِ مُعْسِرٍ. وَالإِعْسَارُ بِالْكِسْوَةِ كَهُوَ بِالنَّفَقَةِ، وَكَذَا بِالأُدْمِ وَالْمَسْكَنِ فِي الأَصَحِّ. قُلْتُ: الأَصَحُّ: الْمَنْعُ فِي الأُدْمِ، وَاللهُ أَعْلَمُ. وَفِي إِعْسَارِهِ بِالْمَهْرِ أَقْوَالٌ، أَظْهَرُهَا: تَفْسَخُ قَبْلَ وَطْءٍ لَا بَعْدَهُ

===

الملاهي المحرمة؛ فلا يستحق بها المُسمَّى من الأجرة، ولا بد أن يستحق لتفويت عمله أجرًا يصير به موسرًا، فلا خيار لزوجته، وكذلك كسب المنجم والكاهن قد يتوصل إليه بسبب محرم، لكنه أعطي عن طيب نفس فأجري مجرى الهبة، وإن كان محظور السبب، فيباح له إنفاقه، ولا خيار لزوجته. انتهى (١)، واستشكله القمولي وغيره.

(وإنما يفسخ بعجزه عن نفقة معسر) لأن الضرر يتحقق بذلك.

(والإعسار بالكسوة كهو بالنفقة) لأن البدن لا يقوم بدونها، وقيل: لا؛ لأن الحياة تبقى بدونها، وثم من الناس من لا يلبس الثياب.

(وكذا بالأدم والمسكن في الأصح) لأنه يعسر الصبر على الخبز البحت؛ ولأن الإنسان لا بد له من مسكن يقيه من الحر والبرد، ووجه المنع في المسكن: أن النفس تقوم بدونه؛ فإنها لا تعدم مسجدًا أو موضعًا مباحًا، وأجاب الأول: بأن الحوالة على المسجد كالحوالة في النفقة على السؤاله.

(قلت: الأصح: المنع في الأدم، والله أعلم) لقيام البُنية بدونه، بخلاف القوت، وهو ما صححه في "الشرح الصغير"، واقتضى كلام "الكبير": أن الأكثرين عليه (٢).

(وفي إعساره بالمهر أقوال، أظهرها: تفسخ قبل وطء) للعجز عن تسليم العوض مع بقاء المعوض؛ كالإفلاس، وهذا الفسخ على الفور؛ كما صرح به الرافعي (٣)، وكلام "التتمة" يقتضي خلافه، (لا بعده) لتلف المعوض، وصيرورة العوض دينًا في الذمة، والثاني: لا يثبت الفسخ مطلقًا؛ لأن النفس تقوم بدون المهر، وليس هو على قياس الأعواض حتى يفسخ العقد بتعذره، والثالث: يثبت مطلقًا، أما قبل الوطء .. فلما ذكرناه، وأما بعده .. فلأن البضع لا يتلف حقيقة بوطئة فأكثر.


(١) الحاوي الكبير (١٥/ ٥٥)، بحر المذهب (١١/ ٤٧٧).
(٢) الشرح الكبير (١٠/ ٥٢).
(٣) الشرح الكبير (١٠/ ٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>