للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتثبُتُ بِمَرَّةٍ فِي الأَصَحِّ، وَيُحْكَمُ لِلْمُعْتَادَةِ الْمُمَيِّزَةِ بِالتَّمْيِيزِ لَا الْعَادَةِ فِي الأَصَحِّ

===

التي استفتتْ لها أمُّ سلمة: "لِتَنْظُرْ عَدَدَ اللَّيَالِي وَالأيَّام الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُهُنَّ مِنَ الشَّهْرِ، قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا الَّذِي أَصَابَهَا، فَلْتَتْرُكِ الصَّلَاةَ قَدْرَ ذلِكَ مِنَ الشَّهْرِ، فَإِذَا خَلَّفَتْ ذَلِكَ .. فَلْتَغْتَسِلْ ثُمَّ لِتَسْتَثْفِرْ بِثَوْبٍ ثُمَّ لِتُصَلِّ"، رواه أبو داوود وغيره بإسناد صحيح (١).

وحكى المرعشي قولًا: أنه لا أثر للعادة، واستُغرب.

واعلم: أن المعتادة إذا جاوز الدمُ عادتَها .. أمسكتْ عمّا تُمسك عنه الحائضُ قطعا؛ لاحتمال انقطاعه على خمسةَ عشرَ، فإن انقطع على خمسةَ عشرَ فأقلَّ .. فالكلُّ حيضٌ، وإن عبرها .. قضت ما وراء قدر عادتها.

وفي الدور الثاني وما بعده إذا عبر أيام عادتها .. اغتسلت، وصامت، وصلّت؛ لظهور الاستحاضة؛ لأنها تثبت بمرّة جزمًا.

(وتثبت) العادة (بمرة في الأصح) لأن الحديث السابق قد دلّ على اعتبار الشهر الذي قبل الاستحاضة، ولأن الظاهرَ: أنها في هذا الشهر كالذي قبله؛ لكونه أقرب إليها، والثاني: لا بدّ من مرّتين؛ لأن العادةَ مشتقّةٌ من العَود.

ومحلّ الخلاف: في عادة الحيض، أما الاستحاضة .. فتثبت بمرّة قطعًا؛ كما مرّ.

وما تقدّم في العادة المتّفقة أو المختلفة المتسقة، أمّا المختلفة غير المتسقة .. فالصحيح الذي قطع به الجمهور: أنها تردّ إلى ما يلي شهر الاستحاضة، وإن كانت مختلفة متسقة ونسيت اتساقها .. فالأصحُّ: أنها تغتسل آخر كلِّ نوبةٍ.

(ويُحكم للمعتادة المميّزة) حيث اختلفت العادة والتمييز؛ كما لو كانت عادتُها خمسةً من أوّل كلِّ شهرٍ، فاستحيضت، فرأت خمستَها حُمرةً، ثم رأت عقبها خمسة سوادًا وباقي الشهر حُمرةً (بالتمييز لا العادةِ في الأصح) لحديث: "دَمُ الْحَيْضِ أَسْوَدُ


(١) أبو داوود (٢٧٨)، وأخرجه مالك في "الموطأ" (١/ ٦٢)، والشافعي في "الأم" (٢/ ١٣٥)، وأحمد في "المسند" (٦/ ٣٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>