يمت به، والموت عقبه موافقةُ قدر؛ فهو كما لو ضربه بقلم أو ألقى عليه خرقة فمات في الحال.
(ولو حبسه ومنعه الطعام والشراب والطلب حتى مات) جوعًا أو عطشًا (فإن مضت مدة يموت مثله فيها غالبًا جوعًا أو عطشًا. . فعمد) لأنه قصد إهلاكه بما يهلك به، وتختلف المدة باختلاف حال المحبوس قوة وضعفًا، والزمان حرًّا وبردًا؛ لأن فقد الماء في الحر ليس كهو في البرد.
واحترز بقوله:(منعه): عما إذا كانا عنده وأمكنه تناولهما فلم يتناولهما؛ خوفًا أو حزنًا، أو أمكنه طلبهما ولو بالسؤال فلم يفعل. . فلا قصاص ولا ضمان على حابسه؛ لأنه قتل نفسه.
وقوله:(منعه الطعام والشراب)، كذا لو منعه أحدهما فمات بسببه.
نعم؛ لو منعه الماء دون الطعام فلم يأكل خوفًا من العطش فمات. . فلا قصاص قطعًا ولا دية على الأصح، ولو حبسه وعراه، فمات بالبرد. . فكمنعه الأكل، قاله القاضي الحسين.
وقوله:(حبسه): قد يفهم أنه لو منعه من غير حبس؛ كما لو أخذ زاده أو ماءه في مفازة، أو عراه، فمات جوعًا أو عطشًا أو بردًا. . أنه لا ضمان، وهو كذلك؛ لأنه لم يحدث فيه صنعًا (١).
(وإلا) أي: وإن لم تمض هذه المدة ومات (فإن لم يكن به جوع وعطش سابق. . فشبه عمد) لأنه لا يقتل غالبًا.
(وإن كان بعض جوع وعطش وعلم الحابس الحال. . فعمد) لظهور قصد الهلاك، والمراد: أنه حبسه مدة إذا أضيفت إلى مدة جوعه أو عطشه السابق. . بلغت
(١) لو دخّن عليه فمات. . وجب القود، وكذا لو منع من افتصد من شد فصاده حتى مات، قاله الغزالي في "فتاويه" [ص ٢٤٣] اهـ هامش (أ).