كان مما لا يسلم منه في العادة غالبًا. . فيجب به القصاص، وإن كان مما يسلم منه غالبًا فهو شبه عمد.
قال: فإن قيل: إذا كان ذلك مما يغلب فيه العطب وتعاطاه. . فهو مكره على قتل نفسه، وإكراهه على قتل نفسه غير متصور.
قلنا: المكره على قتل نفسه لا يتخلص من المكره -بكسر الراء- إلا بقتل نفسه، والمكره على صعود شجرة يتخلص بالطلوع وقد يغلبه الأمل، ويسوقه الأجل فيفعل ويتخلص، بخلاف القتل.
(أو على قتل نفسه) بأن قال: (اقتل نفسك، وإلا. . قتلتك)(. . فلا قصاص في الأظهر) وما جرى ليس بإكراه حقيقة؛ إذ المكرَه من يتخلص بما أمر به عما هو أشد عليه، وهو الذي خوفه المكره، وههنا المأمور به القتل؛ فلا يتخلص بقتل نفسه عن القتل، فصار كأنه مختار له، والثاني: يجب؛ لأنه بالإكراه على القتل والإلجاء إليه قاتل له.
وجعل أبو الفرج الزّاز محل الخلاف: ما إذا خوفه بمثل ذلك القتل؛ فإن خوفه بعقوبة فوق القتل؛ كالإحراق والتمثيل. . فهو إكراه، وجرى عليه في "الشرح الصغير" فقال: يشبه أن يكون ذلك إكراهًا.
ويستثنى من الكتاب: ما إذا كان المكره -بفتح الراء- غيرَ مميز؛ لصغر أو جنون. . فإنه يجب القصاص على المكرِه بكسر الراء.
(ولو قال:"اقتلني، وإلا. . قتلتك"، فقتله. . فالمذهب: لا قصاص) لأنه أذن له في قتله، والإذن شبهة دارئة للقصاص، وفي قول: يجب؛ لأن القتل لا يباح بالإذن، فأشبه إذن المرأة في الزنا، وهو لا يسقط الحد، وقد حكى الرافعي الطريقين في الإذن المجرد، ثم قال: فإن انضم إلى ذلك إكراه. . فسقوط القصاص أَوْجَه (١).