للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ أَنْهَاهُ رَجُلٌ إِلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ؛ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ إِبْصَارٌ وَنُطْقٌ وَحَرَكَةُ اخْتِيَارٍ، ثُمَّ جَنَى آخَرُ. . فالأَوَّلُ قَاتِلٌ، ويُعَزَّرُ الثَّانِي، وَإِنْ جَنَى الثَّانِي قَبْلَ الإِنْهَاءِ إِلَيْهَا؛ فَإِنْ ذَفَّفَ كَحَزٍّ بَعْدَ جُرْحٍ. . فَالثَّانِي قَاتِلٌ، وَعَلَى الأَوَّلِ قِصَاصُ الْعُضْوِ أَوْ مَالٌ بِحَسَبِ الْحَالِ، وَإِلَّا. . فقاتِلَانِ. وَلَوْ قَتَلَ مَرِيضا فِي النَّزْعِ وَعَيْشُهُ عَيْشُ مَذْبُوحٍ. . وَجَبَ الْقِصَاصُ. .

===

المذفف، قال في "أصل الروضة": وهو قياس ما سنذكره (١).

واحترز بقوله: (معًا): عما إذا ترتب فعلهما، وسنذكره.

(وإن أنهاه رجل إلى حركة مذبوح؛ بأن لم يبق إبصار ونطق وحركة اختيار، ثم جنى آخر. . فالأول قاتل) لأنه صيّره إلى حالة اليأس التي لا يصح فيها إسلامه ولا ردته، ولا يرث ولا يورث، وينتقل ماله إلى ورثته الموجودين دون من حدث بعدها، (ويعزر الثاني) لهتكه حرمة الميت.

(وإن جنى الثاني قبل الإنهاء إليها؛ فإن ذفّف؛ كحزٍّ بعد جرح. . فالثاني قاتل) لأن الجرح إنما يقتل بالسراية، وحزّ الرقبة يقطع أثر السراية، وسواء تيقن الهلاك من الجراحة بعد يوم أو أيام أو لا؛ لأن له في الحال حياة مستقرة، وقد عهد عمر رضي الله عنه في هذه الحالة، فعمل بعهده ووصاياه (٢).

(وعلى الأول قصاص العضو أو مال بحسب الحال) من تعمده أو خطئه، (وإلا) أي: وإن لم يذفف الثاني؛ كما لو قطع كف شخص، وقطع آخر مرفق ذلك الكف أو جافاه ومات بسرايتهما (. . فقاتلان) لأن القطع الأول قد انتشرت سرايته وآلامه إلى الأعضاء الرئيسة التي هي الكبد والقلب والرأس، وانضم إليها ألم الثاني، ومات من الألمين، ولو شك في الانتهاء إلى حركة المذبوح. . عمل بقول أهل الخبرة.

(ولو قتل مريضًا في النزع وعيشه عيش مذبوح. . وجب القصاص) لأن انتهاء المريض إلى تلك الحالة غير مقطوع به، وقد يُظن ذلك ثم يشفى، بخلاف من انتهى إلى حركة المذبوح بجراحة.

وما جزم به قد يخالفه ما في (الفرائض) من "زيادة الروضة" عن الأصحاب: أن


(١) روضة الطالبين (٩/ ١٤٥).
(٢) أخرجه البخاري (٣٧٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>