للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُقْتَلُ الْجَمْعُ بِوَاحِدٍ، وَلِلْوَليِّ عَفْوٌ عَنْ بَعْضِهِمْ عَلَى حِصَّتِهِ مِنَ الدِّيَةِ بِاعْتِبَارِ الرُّؤُوسِ. وَلَا يُقْتَلُ شَرِيكُ مُخْطِئٍ وَشِبْهِ الْعَمْدِ،

===

في الجميع؛ لأنه لا يتبعض، ويجب عليه في ماله لأخيه سبعة أثمان الدية، ويرث جميع دم الأم، وله قتل أخيه الذي هو قاتل الأم، فلو قتل أحدهما الأم أولًا ثم قتل الثاني الأب .. انعكس الحكم، فيجب القصاص على قاتل الأب، ويسقط عن قاتل الأم.

(ويقتل الجمع بواحد) إذا كان فعلُ كلٍّ منهم لو انفرد .. لقَتَل، سواء قتلوه بمثقل أو بمحدد أو بغيرهما؛ لعموم قوله تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} أي: بالقصاص، ولأن عمر رضي الله عنه قتل نفرًا خمسة أو سبعة برجل قتلوه غيلة، وقال: (لو تمالأ عليه أهل صنعاء .. لقتلتهم جميعًا) رواه مالك (١)، ولم ينكر عليه فصار إجماعًا، وعن القديم: أنه يقتل واحدًا منهم، ويأخذ حصة الباقين من الدية، ولا يقتل الجميع، ويكفي في الزجر كون كل واحد منهم خائفًا من القتل.

(وللولي عفو عن بعضهم على حصته من الدية باعتبار الرؤوس) سواء كانت جراحة بعضهم أفحش أو أكثر أو لا؛ لأن الجراحات لا تنضبط، وقد تزيد نكاية الجرح الواحد على جراحات كثيرة.

ويستثنى من إطلاقه اعتبار الرؤوس: ما إذا كان الضرب بالسياط أو العصي الخفيفة، وكانت ضربات كل واحد منهم قاتلة لو انفردت .. فالأظهر: أن التوزيع على عدد الضربات لا الرؤوس.

والفرق بينها وبين الجراحات: أنها تلاقي الظاهر ولا يعظم فيها التفاوت، بخلاف الجراحات.

(ولا يقتل شريك مخطئ وشبه عمد) لأن الزهوق حصل بفعلين: أحدهما يوجبه، والآخر ينفيه، فغلب المسقط، كما إذا قتل المبعض رقيقًا.


(١) الموطأ (٢/ ٨٧١)، وأخرجه البخاري تعليقًا في الديات، باب: إذا أصاب قومٌ من رجل هل يعاقب أو يقتصّ منهم كلّهم؟ والبيهقي (٨/ ٤١)، والشافعي في "المسند" (ص ٢٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>