للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يُسْتَوْفَى قِصَاصٌ إِلَّا بِإِذْنِ الإِمَامِ، فَإِنِ اسْتَقَلَّ .. عُزِّرَ، وَيَأْذَنُ لِأهْلٍ فِي نَفْسٍ،

===

فيه، أما إذا حكم القاضي به وعلمه .. فيلزمه القصاص قطعًا، وإن علم العفو ولم يحكم به .. لزمه أيضًا على المذهب، وإن جهله؛ فإن قلنا: لا قصاص إذا علمه .. فهنا أولى، هذه عبارة "الروضة" (١)، ولا يؤخذ منها ترجيح في حالة الجهل بالعفو إذا لم يحكم به، وإطلاق "الكتاب" يقتضي: أن الأصحَّ: وجوب القصاص (٢).

(ولا يستوفى قصاص إلا بإذن الإمام) أو نائبه لخطره، وظاهر كلامه: أنه لا يشترط حضوره، بل يكفي إذنه، لكن كلام "الأم" يقتضي حضوره، وبه جزم في "التنبيه" و"البيان" (٣).

ويستثنى من اعتبار الإذن صور: إحداها: السيد؛ فإنه يقيم القصاص على عبده؛ كما هو مقتضى تصحيح الشيخين من أنه يقيم عليه حد السرقة والمحاربة، ثم قالا: وأجرى جماعة منهم ابن الصباغ الخلاف المذكور في القتل والقطع قصاصًا (٤)، ثانيها: إذا كان المستحق مضطرًّا .. فله قتله قصاصًا وأكله، قاله الرافعي في بابه (٥)، ثالثها: إذا انفرد بحيث لا يرى .. قال الشيخ عز الدين في آخر "قواعده": ينبغي ألَّا يمنع منه ولا سيما إذا عجز عن إثباته (٦)، رابعها: القاتل في الحرابة لكل من الإمام والولي الانفراد بقتله ذكره الماوردي، وفيه نظر.

(فإن استقل) باستيفائه ( .. عزر) لافتئاته على الإمام، (ويأذن لأهل) في الاستيفاء بنفسه (في نفس) ليكمل التشفي، وخرج بالأهل: الشيخ والزمن والمرأة؛ فإن الإمام يأمره أن يستنيب، ويخرج أيضًا: ما لو قتل ذمي ذميًّا ثم أسلم القاتل .. فإنه لا يمكن الوارث الذمي من الاقتصاص؛ لئلا يتسلط الكافر على المسلم، ومنه يعلم


(١) روضة الطالبين (٩/ ٢١٦).
(٢) قال الرافعي: وهذه المسألة توصف بالإشكال والاعتياص، حتى حكى السَّرَخْسي أنه قال: سمعت أبا بكر الضبعي يقول: كررتها في نفسي ألف مرة حتى تحققتها. اهـ هامش (أ).
(٣) التنبيه (ص ١٣٤)، البيان (١١/ ٤٠٥).
(٤) الشرح الكبير (١١/ ١٦٥)، روضة الطالبين (١٠/ ١٠٣).
(٥) الشرح الكبير (١٢/ ١٦١).
(٦) القواعد الكبرى (٢/ ٣٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>