للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِنْ قَتَلَ خَطَأً فِي حَرَمِ مَكَّةَ أَوِ الأَشْهُرِ الْحُرُمِ: ذِي الْقَعْدَةِ وَذِي الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمِ وَرَجَبٍ، أَوْ مَحْرَمًا ذَا رَحِمٍ .. فَمُثَلَّثَةٌ

===

(فإن قتل خطأ في حرم مكة، أو الأشهر الحرم: ذي القعدة، وذي الحجة، والمحرم، ورجب، أو محرمًا ذا رحم .. فمثلثة) لأن الصحابة رضوان الله عليهم غلظوا في هذه الأحوال الثلاث وان اختلفوا في كيفية التغليظ، ولم ينكر ذلك أحد منهم، فكان إجماعًا منهم، وسواء كان المقتول والقاتل في الحرم أو أحدهما، والحق به في "المطلب" ما إذا جرحه، والمجروح في الحرم فخرج إلى الحل ومات فيه.

وخرج بـ (حرم مكة): حرم المدينة، فإنه لا يغلظ بالقتل فيه على الصحيح، لأن صيده غير مضمون على الجديد، ولا يغلظ بالقتل في الإحرام على الأصحِّ، لأن حرمته عارضة، بخلاف المكان، ولم يرد أيضًا من التغليظ ما ورد في القتل في الحرم.

وخرج بـ (الأشهر الحرم): رمضان؛ فإنه لا يغلظ بالقتل فيه وإن كان عظيمًا.

وقوله: (محرمًا ذا رحم) يُخرج صورتين: إحداهما: ما إذا انفردت المحرمية عن الرحم؛ كما في المصاهرة، والرضاع .. فلا يتغلظ بها القتل قطعًا، والثانية: أن تنفرد الرحمية عن المحرم؛ كأولاد الأعمام والأخوال، فلا تغليظ فيهم على الأصحِّ؛ لما بينهما من التفاوت في القرابة.

لكن يرد عليه مالو قتل ابن عم هو أخ من الرضاع، أو قتل بنت عم هي أم زوجته .. فلا تغلظ فيه الدية مع أنه رحم محرم؛ لأن المحرمية ليست من الرحم، فكان حقه تقييد المحرمية بذلك.

وهذا الترتيب الذي ذكره المصنف في عد الأشهر الحرم هو الصواب الذي تظافرت عليه الأحاديث الصحيحة، كما قاله في "شرح مسلم"، وغيره (١)، وقال الكوفيون: الأدب في عدها أن يقال: المحرم، ورجب، وذو القعدة، وذو الحجة في سنة واحدة.


(١) شرح صحيح مسلم (١١/ ١٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>