للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ زَالَ بِجُرْحٍ لَهُ أَرْشٌ أَوْ حُكُومَةٌ .. وَجَبَا، وَفِي قَوْلٍ: يَدْخُلُ الأَقَلُّ فِي الأَكْثَرِ،

===

الدماغ، أو مشترك بينهما؟ والأكثرون على الأول، وقيل: مسكنه الدماغ، وتدبيره في القلب.

وأطلق العقل، وقال الماوردي: إنما تجب الدية في العقل الغريزي الذي يتعلق به التكليف، وهو العلم بالمدركات الضرورية، فأما العقل المكتسب الذي هو حسن التقدير، وإصابة التدبير .. فلا دية فيه مع بقاء العقل الغريزي، بل فيه حكومة لا تبلغ بها دية الغريزي (١).

وإنما تجب الدية في العقل إذا قال أهل الخبرة: لا يعود، أما إذا توقعوا عوده .. فإنه يوقف، فإن مات قبل العود .. ففي الدية وجهان؛ كما إذا قلع سن مثغور فمات قبل أن يعود، كذا نقلاه عن المتولي، وأقراه (٢).

وقولهما: (سن مثغور) صوابه: غير مثغور، وعبارة "التتمة": سن من لم يثغر.

هذا في زواله بالكلية، فلو زال بعضه؛ فإن أمكن الضبط بالزمان وغيره؛ كأن صار يجن يومًا ويفيق يومًا .. وجب قسط الزائل، فيجب نصف الدية، وإلا .. فحكومة.

(فإن زال) العقل (بجرح له أرش) مقدر؛ كالموضحة، واليد، والرجل (أو حكومة .. وجبا) أي: دية العقل، وأرش الجناية أو حكومتها، ولا يندرج الأرش في دية العقل؛ لأنها جناية أبطلت منفعة غير حالة في محل الجناية، فصار كما لو أوضحه فذهب بصره، (وفي قول: ) قديم (يدخل الأقل في الأكثر) فإن كانت دية العقل أكثر؛ كأن أوضحه فزال عقله .. دخل فيها أرش الموضحة، وإن كان أرش الجناية أكثر؛ بأن قطع يديه ورجليه فزال عقله .. دخل فيه دية العقل؛ لأن ذهابه يعطل منافع سائر الأعضاء، فأشبه ذهاب الروح، كذا علله الرافعي (٣).


(١) الحاوي الكبير (١٦/ ٤٧).
(٢) روضة الطالبين (٩/ ٢٨٩ - ٢٩٠)، الشرح الكبير (١٠/ ٣٨٦ - ٣٨٧).
(٣) الشرح الكبير (١٠/ ٣٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>