للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقِيلَ: قِسْطُ النَّقْصِ، وَلَوْ أَزَال أُذُنَيْهِ وَسَمْعَهُ .. فَدِيَتَانِ، وَلَوِ ادَّعَى زَوَالَهُ وَانْزَعَجَ لِلصِّيَاحِ فِي نَوْمٍ وَغَفْلَةٍ .. فَكَاذِبٌ، وَإِلَّا .. حَلَفَ وَأَخَذَ دِيَةً، وَإِنْ نَقَصَ .. فَقِسْطُهُ إِنْ عُرِفَ،

===

بالمنفذ أولى وأقرب من ضبطه بغيره، (وقيل: قسط النقص) من الدية فيعتبر ما نقص من السمع بحالة الكمال على ما سيأتي، قال الرافعي: (وقد يقال: تجب فيه حكومة، وذلك؛ لأن السمع واحد، وإنما التعدد في المنفذ، بخلاف ضوء البصر؛ فإن تلك اللطيفة متعددة، ومحلها الحدقة) (١).

(ولو أزال أذنيه وسمعه .. فديتان) لأن محل السمع غير محل القطع، فلم يتداخلا؛ كما لو أوضحه فعمي.

(ولو ادعى زواله، وانزعج للصياح في نوم وغفلة .. فكاذب) لأن ذلك يدل على التصنع، ويجب مع ذلك تحليف الجاني: إن سمعه لَباقٍ؛ لاحتمال أن يكون انزعاجه اتفاقًا، أو بسبب آخر، ولا يكفيه أن يحلف: إن سمعه لم يذهب بجنايته؛ لأن الحلف في ذهاب السمع وبقائه، لا في ذهابه بجناية غيره، ولا يختص الانزعاج بالصياح، بل الرعد وطرح شيء له صوت من علو كذلك، وقيد الماوردي الصياح بصوت مزعج مهول يتضمن إنذارًا وتحذيرًا، قال: ويكرر ذلك من جهات، وفي أوقات الخلوات حتى يتحقق زوال السمع بها (٢).

(وإلا) أي: وإن لم يظهر أثر ( .. حلف وأخذ دية) لأن السمع لا يرى، ولا يعلم ذهابه، وليس للبينة فيه مدخل، فتعين المصير إلى ما ذكرناه؛ لأن به يعرف وجوده من عدمه، وإذا ثبت زواله .. قال الماوردي: يراجع عدول الأطباء؛ فإن نفوا عوده .. وجبت الدية في الحال، وإن جوزوا عوده إلى مدة معينة .. انتظرت؛ فإن عاد فيها .. لم تجب الدية، وإلا .. وجبت (٣)، ولو ادعى ذهاب سمع إحدى أذنيه .. حشيت السليمة، وامتحن في الأخرى على ما سبق.

(وإن نقص) سمعه ( .. فقسطه إن عرف) قدر ما ذهب؛ بأن كان يسمع من


(١) الشرح الكبير (١٠/ ٣٨٩).
(٢) الحاوي الكبير (١٦/ ٤٤).
(٣) الحاوي الكبير (١٦/ ٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>