للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ قَالَ: (أَلْقِ مَتَاعَكَ وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ) أَوْ (عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ) .. ضَمِنَ، وَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى: (ألْقِ) .. فَلَا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ مُلْتَمِسٌ لِخَوْفِ غَرَقٍ، وَلَمْ يَخْتَصَّ نَفْعُ الإِلْقَاءِ بِالْمُلْقِي. وَلَوْ عَادَ حَجَرُ مَنْجَنِيقٍ فَقَتَلَ أَحَدَ رُمَاتِهِ .. هُدِرَ قِسْطُهُ، وَعَلَى عَاقِلَةِ الْبَاقِينَ

===

(ولو قال: "ألق متاعك وعلي ضمانه"، أو "على أني ضامن") له ( .. ضمن) المستدعي؛ لأنه استدعى إتلاف مال يعاوض عليه لغرض صحيح، فلزمه؛ كما لو قال: (أعتق عبدك على ألف)، أو (طلق زوجتك)، وليس هذا على حقيقة الضمان وإن سمي بالضمان، وإنما هو بذل مال لمصلحة، فهو كما لو قال: (أطلق هذا الأسير، ولك علي كذا).

وقضية الحكم بضمانه: خروجه عن ملك مالكه، لكن ذكر الرافعي هنا عن حكاية الإمام: أنه لا يخرج عن ملكه، حتى لو لفظه البحر وظفر به .. فهو لمالكه، ويسترد الباذل ماله، وعلى هذا: فهو ضمان حيلولة، وهل للمالك أن يمسك ما أخذه، ويرد بدله؟ فيه خلاف كالقرض. انتهى (١).

(ولو اقتصر على: "ألق") (ولم يقل: (وعلي ضمانه)، أو (على أني ضامن) ( .. فلا على المذهب) لعدم الالتزام، والطريق الثاني: أنه على الخلاف فيما إذا قال: (اقضِ ديني) فقضاه، والأصحُّ: الرجوع.

وفرق الأول: بأنه بالقضاء برئ قطعًا، والإلقاء لا ينفعه.

(وإنما يضمن ملتمس لخوف غرق) ففي غير الخوف لا ضمان، كما لو قال: (اهدم دارك)، أو (اقتل عبدك) ففعل، (ولم يختص نفع الإلقاء بالملقي) فلو اختص به؛ بأن أشرفت سفينته على الغرق، وفيها متاعه فقال له آخر من الشط: (ألق متاعك، وعلي ضمانه)، فألقاه .. لم يجب شيء؛ لأنه يجب عليه الإلقاء لحفظ نفسه .. فلا يستحق به عوضًا.

(ولو عاد حجر منجنيق فقتل أحد رماته .. هدر قسطه، وعلى عاقلة الباقين


(١) الشرح الكبير (١٠/ ٤٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>