للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يُشْتَرَطُ مُوَالَاتُهَا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَلَوْ تَخَلَّلَهَا جُنُونٌ أَوْ إِغْمَاءٌ .. بَنَى، وَلَوْ مَاتَ .. لَمْ يَبْنِ وَارِثُهُ عَلَى الصَّحِيحِ

===

وقد جاء استثناء القسامة أول الباب؛ لأن جانب المدعي قوي باللوث، فتحولت اليمين إليه؛ كما لو أقام شاهدًا في غير القسامة، وسواء النفس الكاملة والناقصة؛ كالمرأة والكافر، فيحلف لكل دية خمسين يمينًا على الأصحِّ؛ لخطر النفس.

وقيل: إن الخمسين تقسط على الدية الكاملة، فيحلف في المرأة خمسة وعشرين يمينًا، وفي اليهودي سبعة عشر، ويقول في يمينه في كل مرة: (لقد قتله هذا)، ويشير إليه، ويرفع في نسبه عند غيبته، أو يعرفه بما يمتاز به من قبيلة أو ضيعة أو لقب (١)، ويتعرض لكونه عمدًا أو خطأً أو شبه عمد.

(ولا يشترط موالاتها على المذهب) لأن الأيمان من جنس الحجج، والتفريق في الحجج لا يقدح، كما إذا شهد الشهود متفرقين، وهذا ما عزياه لإيراد الأكثرين (٢)، وقيل: يشترط؛ لأن للموالاة وقعًا في النفوس، وأثرًا في الزجر والردع، وهذا هو الأشبه في اللعان.

وفرق بينهما: بأن اللعان أولى بالاحتياط؛ لأنه تتعلق به العقوبة البدنية، ويختل به النسب، وتشيع الفاحشة.

(ولو تخللها) أي: الأيمان (جنون أو إغماء .. بنى) إذا أفاق، ولا يجب الاستئناف، أما إذا لم نشترط الموالاة .. فظاهر، وأما إذا اشترطناها .. فلقيام العذر، بخلاف ما لو عزل القاضي، أو مات في أثنائها، فإن القاضي الثاني يستأنف على الأصحِّ، قالا: وحكي عن نص "الأم" أنه يبني، وصححه الروياني (٣).

(ولو مات) قبل تمام القسامة ( .. لم يبن وارثه على الصحيح) المنصوص؛ لأن الأيمان كالحجة الواحدة، ولا يجوز أن يستحق أحد شيئًا بيمين غيره، والثاني:


= عنهما، والشطر الثاني من الحديث أخرجه البخاري (٢٥١٤)، ومسلم (١٧١١) عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(١) في (ز): (أو صفة أو لقب).
(٢) الشرح الكبير (١١/ ٢٥)، روضة الطالبين (١٠/ ١٧).
(٣) الشرح الكبير (١١/ ٢٦)، روضة الطالبين (١٠/ ١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>