للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قِيلَ: وَإِمَامٍ مَنْصُوبٍ. وَلَوْ أَظْهَرَ قَوْمٌ رَأْيَ الْخَوَارِجِ - كَتَرْكِ الْجَمَاعَاتِ وَتَكْفِيرِ ذِي كَبِيرَةٍ - وَلَمْ يُقَاتِلُوا .. تُرِكُوا،

===

ولم يجتمعوا على رأي.

وقضية كلامه: أن هذا شرط ثالث، وقضية كلام الرافعي: أن المطاع شرط لحصول الشوكة، وليس شرطًا آخر غير الشوكة.

(قيل: وإمام منصوب) وإلا .. فلا يكون بينهم قاض ووال، فتتعطل الأحكام، وهذا ما نقله الرافعي عن الجديد، ونسبه الإمام إلى المعظم، لكن في الرافعي عن الأكثرين: المنع (١)، لأن عليًّا رضي الله عنه قاتل أهل الجمل ولا إمام لهم، وأهل صفين قبل نصب إمامهم، قال في "المطلب": وأثر الخلاف في نصبهم الإمام: إنما هو لأجل تنفيذ الأحكام، لا لعدم الضمان، كما أشار إليه الغزالي، وقال الماوردي: هذه الأمور كلها إنما تشترط في جواز قتالهم، واعتبر الجويني أمرين آخرين: أن يمتنعوا من حكم الإمام وأن يظهروا لأنفسهم حكمًا.

(ولو أظهر قوم رأي الخوارج) وهم صنف من المبتدعة (كترك الجماعات، وتكفير ذي كبيرة، ولم يقاتلوا .. تركوا) بناء على الصحيح: أنهم لا يكفرون بذلك، لأن عليًّا رضي الله عنه سمع رجلًا من الخوارج يقول: لا حكم إلا لله ولرسوله، ويعرض بتخطئته في التحكيم، فقال علي رضي الله عنه: (كلمة حق أريد بها باطل، لكم علينا ثلاث: لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسم الله، ولا نمنعكم الفيء ما دامت أيديكم معنا، ولا نبدأكم بقتال) (٢).

والمراد بتكفير ذي كبيرة: أن اعتقادهم أن من أتى كبيرة من الكبائر .. فقد كفر وحبط عمله، وخلد في النار، وأن دار الإسلام صارت بظهور الكبائر فيها دار كفر وإباحة، فلذلك طعنوا في الأئمة، ولم يصلوا خلفهم، وتجنبوا الجمعة والجماعات، وما أطلقه من تركهم إذا لم يقاتلوا شَرَطَ له في "المحرر" و"الشرح"


(١) الشرح الكبير (١١/ ٨١)، نهاية المطلب (١٧/ ١٢٦).
(٢) أخرجه البيهقي (٨/ ١٨٤)، وابن أبي شيبة (٣٩٠٨٥)، والشطر الأول من الحديث أخرجه مسلم (١٠٦٦/ ١٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>