للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمَا أَتْلَفَهُ بَاغٍ عَلَى عَادِلٍ وَعَكْسُهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي قِتَالٍ .. ضَمِنَ، وَإِلَّا .. فَلَا، وَفِي قَوْلٍ: يَضْمَنُ الْبَاغِي. وَالْمُتَأَوِّلُ بِلَا شَوْكَةٍ يَضمَنُ، وَعَكْسُهُ كَبَاغٍ. وَلَا يُقَاتِلُ الْبُغَاةَ حَتَّى يَبْعَثَ إِلَيْهِمْ أَمِينًا فَطِنًا نَاصِحًا يَسْأَلُهُمْ مَا يَنْقِمُونَ، فَإِنْ ذَكَرُوا مَظْلِمَةً أَوْ شُبْهَةً .. أَزَالَهَا،

===

وجه، حكاه القاضي أنهم إن أعطوها اختيارًا من غير إجبار .. لم يسقط عنهم، قال ابن الرفعة: وقياسه: الطرد في غيرها (١).

(وما أتلفه باغ على عادل وعكسه إن لم يكن في قتال .. ضمن) سواء النفس والمال جريًا على الأصل الممهد في قصاص النفس وغرامات الأموال، (وإلا) أي: وإن كان في قتال ( .. فلا) ضمان، أما فيما يتلفه العادل على الباغي .. فلأنه مأمور بالقتال، فلا يضمن ما يتولد منه، وأما فيما يتلفه الباغي على العادل .. فلأن في الوقائع التي جرت في عصر الصحابة؛ كوقعة الجمل وصفين .. لم يطالب بعضهم بعضًا بضمان نفس ولا مال، (وفي قول: يضمن الباغي) لأنهما فرقتان من المسلمين: محقة ومبطلة، فلا يستويان في سقوط الغرم؛ كقطاع الطريق والمرتدين.

ومحل القولين: فيما أتلف بسبب القتال، وتولد منه هلاك، فإن أتلفوا في القتال ما ليس من ضرورة القتال .. ضمن قطعًا قاله الإمام، وأقراه (٢).

(والمتأول بلا شوكة يضمن) مطلقًا وإن أتلف في القتال؛ كقطاع الطريق، ولأنا لو أسقطنا الضمان .. لم تعجز كل شرذمة تريد إتلاف نفس ومال أن تبدي تأويلًا وتفعل من الفساد ما تشاء، وفي ذلك بطلان السياسات، (وعكسه) وهو من له شوكة بلا تأويل (كباغ) ففي ضمانه القولان؛ لأن سقوط الضمان عن الباغي ترغيبهم في الطاعة، ليجتمع الشمل، وهو موجود هنا.

(ولا يقاتل البغاة حتى يبعث إليهم أمينًا فطنًا ناصحًا يسألهم ما ينقمون) أي: يكرهون، كما فعل علي رضي الله عنه حين بعث ابن عباس إلى الخوارج (٣)، (فإن ذكروا مظلمة أو شبهة .. أزالها) لأن المقصود بقتالهم ردهم إلى الطاعة ودفع شرهم،


(١) كفاية النبيه (١٦/ ٢٨٠).
(٢) نهاية المطلب (١١/ ١٣٦)، الشرح الكبير (١١/ ٨٧)، روضة الطالبين (١٠/ ٥٦).
(٣) أخرجه أحمد (١/ ٨٦)، والبيهقي (٨/ ١٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>