للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوِ اسْتَعَانُوا عَلَيْنَا بِأَهْلِ حَرْبٍ وَآمَنُوهُمْ .. لَمْ يَنْفُذْ أَمَانُهُمْ عَلَيْنَا، وَنَفَذَ عَلَيْهِمْ فِي الأَصَحِّ، وَلَوْ أَعَانَهُمْ أَهْلُ الذِّمَّةِ عَالِمِينَ بِتَحْرِيمِ قِتَالِنَا .. انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ، أَوْ مُكْرَهِينَ .. فَلَا، ..

===

وإلا .. فلا اعتراض عليه فيما يراه مذهبًا هنا، وفي كل موضع.

ويستثنى: ما إذا دعت الحاجة إلى الاستعانة بهم، فيجوز بشرطين: أحدهما: أن يكون فيهم جرأة وحسن إقدام، والثاني: أن يتمكن من دفعهم لو اتبعوا أهل البغي بعد الانهزام؛ كما نقلاه عن حكاية ابن الصباغ والروياني وغيرهما عن اتفاق الأصحاب، وزاد الماوردي ثالثًا: وهو أن يثق بوفائهم، والا يتبعوا مدبرًا، ولا يذففوا على جريح (١).

(ولو استعانوا علينا بأهل الحرب وآمنوهم .. لم ينفذ أمانهم علينا) لأن الأمان لترك قتال المسلمين، فلا ينعقد على شرط القتال، فيجوز لنا أن نغنم أموالهم، وأن نسترقهم ونقتلهم إذا وقعوا في الأسر، ونقتل مدبرهم، ونذفف على جريحهم.

نعم؛ لو قالوا: ظَنَنَّا أنه يجوز لنا أن نعين بعض المسلمين على بعض، أو أنهم المحقون، أو أنهم استعانوا بنا في قتال كفار .. بلغوا المأمن وقوتلوا مقاتلة البغاة، ولا يتعرض لمدبرهم على الأصحِّ.

(ونفذ) أمان أهل البغي (عليهم في الأصح) لأنهم أمنوهم، وأمنوا منهم، والثاني: لا ينفذ عليهم؛ كما لا ينفذ علينا.

(ولو أعانهم أهل الذمة) مختارين (عالمين بتحريم قتالنا .. انتقض عهدهم) كما لو انفردوا بالقتال، وصار حكمهم حكم أهل الحرب، (أو مكرهين .. فلا) ولا بد من ثبوت كونهم مكرهين عند الإمام؛ كما قاله المتولي والبَنْدَنيجي (٢).


(١) روضة الطالبين (١٠/ ٦٠)، الشرح الكبير (١١/ ٩٣)، الحاوي الكبير (١٦/ ٣٨٦).
(٢) وعبارة (ز) و (هـ) في شرح جملة (أو مكرهين .. فلا): الشبهة الإكراه، وظاهر كلام الشيخين: أنه يكتفى بقولهم: إنهم مكرهون، وهو ظاهر إطلاق الجمهور، لكن قال المتولي والبَنْدَنيجي: إنه لا بد من ثبوت كونهم مكرهين عند الإمام، هذا في أهل الذمة، أما أهل العهد .. فلا تقبل دعواهم الإكراه بلا بينة عند الشيخين، لأن أمان أهل الذمة أقوى، ولهذا لو خاف الإمام من أهل العهد الخيانة .. نبذ إليهم عهدهم، بخلاف أهل الذمة)، وكأن الكلام من شرحه الكبير على "المنهاج"، والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>