للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالأَصَحُّ: اشْتِرَاطُ التَّغْيِيبِ حَالَ حُرِّيَّتِهِ وَتكْلِيفِهِ، وَأَنَّ الْكَامِلَ الزَّانِيَ بِنَاقِصٍ مُحْصَنٌ. وَالْبِكْرِ الحُرِّ: مِئَةُ جَلْدَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ إِلَى مَسَافَةِ قَصْرٍ فَمَا فَوْقَهَا، وَإِذَا عَيَّنَ الإِمَامُ جِهَةً .. فَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ غَيْرِهَا فِي الأَصَحِّ، وَيُغَرَّبُ غَرِيبٌ مِنْ بَلَدِ الزِّنَا إِلَى غَيْرِ بَلَدِهِ،

===

(والأصح: اشتراط التغييب حال حريته وتكليفه) فلا رجم على من وطئ في نكاح صحيح وهو صبي، أو مجنون، أو رقيق، لأن شرطه الإصابة بأكمل الجهات، وهو النكاح الصحيح، فيشترط حصولها من كامل أيضًا، والثاني: لا يشترط ذلك؛ فإنه وطء يحصل به التحليل، فكذا الإحصان.

(وأن الكامل الزاني بناقص محصن) أي: إذا كان أحد الزوجين في حال إصابته كاملًا؛ أي: حرًّا مكلفًا، والآخر ناقصًا؛ كرقيق أو صغير .. حصل الإحصان للكامل وإن لم يحصل للناقص على الأظهر؛ لأنه حر مكلف وطئ في نكاح صحيح، فأشبه ما إذا كانا كاملين، والثاني: لا؛ لأنه وطء لا يصير أحد الواطئين محصنًا به، فكذلك الآخر؛ كالوطئ بالشبهة.

(والبكر) وهو غير المحصن (الحر: مئة جلدة وتغريب عام) أما الجلد .. فللآية، وسمي جلدًا؛ لوصوله إلى الجلد، وأما التغريب .. فلرواية مسلم: "وَالْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِئَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ" (١)، (إلى مسافة قصر) لأن ما دونها في حكم الحضر، وتتواصل إليه الأخبار فيها، والمقصود: إيحاشه بالبعد عن أهله ووطنه (فما فوقها) إذا رأى الإمام التغريب إليه؛ لأن الصديق غرب إلى فدك، وعمر إلى الشام، وعثمان إلى مصر، وعليًّا إلى البصرة.

(وإذا عين الإمام جهة .. فليس له طلب غيرها في الأصح) لأنه أليق بالزجر والتعنيف، والثاني: له ذلك؛ لحصول مُسمَّى التغريب.

(ويغرب غريب من بلد الزنا) تنكيلًا وإبعادًا عن موضع الفاحشة (إلى غير بلده) لأن القصد إيحاشه وعقوبته، وذلك يأباه عوده إلى وطنه، وكما لا يغرب إلى بلده .. لا يغرب إلى بلد بينه وبين بلده دون مسافة القصر.


(١) صحيح مسلم (١٦٩٠) عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>