للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنْ أَقَرَّ بِعُقُوبَةٍ للهِ تَعَالَى .. فَالصَّحِيحُ: أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يُعَرِّضَ لَهُ بِالرُّجُوعِ وَلَا يَقُولُ: (ارْجِعْ). وَلَوْ أَقَرَّ بِلَا دَعْوَى أَنَّهُ سَرَقَ مَالَ زَيْدٍ الْغَائِبِ .. لَمْ يُقْطَعْ فِي الْحَالِ، بَلْ يُنْتَظَرُ حُضورُهُ فِي الأَصَحِّ، أَوْ أَنَّهُ أَكْرَهَ أَمَةَ غَائِبٍ عَلَى زِنًا .. حُدَّ فِي الْحَالِ فِي الأَصَحِّ.

===

(ومن أقر بعقوبة لله تعالى .. فالصحيح: أن للقاضي أن يعرض له بالرجوع) لأنه عليه السلام قال لماعز: "لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ، أَوْ نَظَرْتَ" رواه البخاري (١)، وقال لمن أقر عنده بالسرقة: "مَا إِخَالُكَ سَرَقْتَ" قال: بلى، فأعاد عليه مرتين أو ثلاثًا، فأمر به فقطع، رواه أبو داوود وغيره (٢).

قالا: والتعريض في الزنا: لعلك فاخذت، أو لمست، أو قبلت، وفي الشرب: لعلك لم تعلم أن ما شربته مسكر، وفي السرقة: لعلك غصبت، أو أخذت من غير حرز، ونحوها (٣).

والثاني: لا يفعل ذلك، ونقله الإمام عن الجمهور.

والثالث: إن لم يكن عالمًا بجواز الرجوع عرض له، وإلا .. فلا.

واحترز بالإقرار: عما إذا ثبت زناه بالبينة، وبقوله: (لله تعالى) عن حقوق الآدميين .. فإنه لا يعرض بالرجوع عنها.

(ولا يقول: ارجع) عن الإقرار أو اجحده؛ لأنه يكون أمرًا بالكذب.

(ولو أقر بلا دعوى أنه سرق مال زيد الغائب .. لم يقطع في الحال، بل ينتظر حضوره) ومطالبته (في الأصح) لأنه ربما حضر وأقر أنه كان أباح له المال، أو يقر له بالملك فيسقط الحد وإن كذبه السارق؛ فإنه يسقط بالشبهة، والثاني: يقطع في الحال؛ عملًا بإقراره، والأصل: عدم المسقط؛ كما لو أقر أنه زنى بفلانة .. لا ينتظر حضورها.

(أو أنه أكره أمة غائب على زنًا .. حد في الحال في الأصح) لأن حد الزنا


(١) صحيح البخاري (٦٨٢٤) عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(٢) سنن أبي داوود (٤٣٨٠)، وأخرجه ابن ماجه (٢٥٩٧)، والنسائي (٨/ ٦٧) عن أبي أمية المخزومي رضي الله عنه.
(٣) روضة الطالبين (١٠/ ١٤٥)، الشرح الكبير (١١/ ٢٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>