للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ عَفَا مُسْتَحِقُّ حَدٍّ. . فَلَا تَعْزِيرَ لِلإِمَامِ فِي الأَصَحِّ، أَوْ تَعْزِيرٍ. . فَلَهُ فِي الأَصَحِّ.

===

تقاس كل معصية بما يناسبها مما يوجب الحد، فلا يبلغ بتعزير مقدمات الزنا حدَّ الزنا، وله أن يزيد على حد القذف، ولا يبلغ بتعزير السب حدَّ القذف، وله أن يزيد على حد الشرب، ولا يبلغ بتعزير إدارة كأس الماء على الشرب تشبيهًا بشارب الخمر حدَّ الشرب؛ اعتبارًا لكل نوع بغاية الزاجر المشروع في جنسه، وقرُب هذا من قولهم: إن حكومة الجناية الواردة على عضو تعتبر بأرش ذلك العضو.

(ولو عفا مستحق حد. . فلا تعزير للإمام في الأصح، أو تعزير. . فله في الأصح) لأن الحد لازم مقدر لا نظر للإمام فيه، فلا سبيل إلى العدول إلى غيره بعد سقوطه، والتعزير يتعلق أصله بنظره، فجاز ألا يؤثر فيه إسقاط غيره، والثاني: له ذلك مطلقًا، واختاره الشيخ عز الدين (١)؛ لأنه لا يخلو عن حق لله تعالى، ولأنه قد يحتاج إلى زجره وزجر غيره عن مثل ذلك، والثالث: لا مطلقًا؛ لأن مستحقه أسقطه (٢).

* * *


(١) القواعد الكبرى (١/ ٢٩٤).
(٢) فائدة: صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: التعزير بمثل الفعل المتعدى به إذا لم يكن محرمًا، وهو قول عائشة: لَدَدْنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه، فأشار: "أنْ لَا تَلُدُّونِي"، فقلنا: كراهة بالمريض للدواء، فلما أفاق. . قال: "لا يَبْقى أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلَّا لُدَّ غَيْرَ الْعَبَّاسِ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَشْهَدْكُمْ"، وهذا لم يذكره أصحابنا، إلا أن المصنف في "شرح مسلم " [١٤/ ١٩٩ - ٢٠٠] فسر به الحديث، واللدد: ما صب تحت اللسان، وقيل: ما صب في جانب الفم، ذكره القاضي عياض في "تنبيهاته"، حكاه عنه في "العجالة" [٤/ ١٦٦٤]. اهـ هامش (أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>