للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَّا فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ، وَنَفْلِ السَّفَرِ. فَلِلْمُسَافِرِ التَّنَفُّلُ رَاكِبًا وَمَاشِيًا، وَلَا يُشْتَرَطُ طُولُ سَفَرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ. فَإِنْ أَمْكَنَ اسْتِقْبَالُ الرَّاكِبِ فِي مَرْقَدٍ، وَإِتْمَامُ رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ .. لَزِمَهُ، وَإِلَّا .. فَالأَصَحُّ: أَنَّهُ إِنْ سَهُلَ الاسْتِقْبَالُ .. وَجَبَ،

===

(إلّا في شدة الخوف) فإنه لا يشترط لا في الفرض ولا في النفل، لقوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} قال ابن عمر: مستقبلي القبلةِ أو غيرَ مستقبليها، رواه البخاري، قال: وقال نافع: لا أراه ذَكَرَ ذلك إلّا عن النبي صلى الله عليه وسلم (١).

نعَمْ؛ لو أَمِنَ وهو راكب (٢)، فأراد أن يَنْزِلَ .. فإنه يشترط في بنائه ألّا يستدبرَ القبلةَ، فإن استدبرَها .. بطلت صلاتُه بالاتفاق؛ كما قاله في "الروضة" (٣).

(ونفلِ السفر) المباح.

(فللمسافر) إلى مَقصِدٍ معلومٍ (التنفل راكبًا) لثبوت ذلك عن فعله عليه الصلاة والسلام (٤)، (وماشيًا) قياسا على الراكب، والمعنى في ذلك: أن الناس محتاجون إلى الأسفار، فلو شرطنا فيها الاستقبالَ للتنفل .. لأدى إلى ترك أورادِهم، أو مصالحِ معاشِهم.

واحترز بـ (المسافر) عن الحاضر، فإنه يمتنع عليه ذلك، لأن الغالب من حاله المكثُ والاستقرارُ.

(ولا يشترط طولُ سفره على المشهور) لعموم الحاجة، والثاني: يشترط كالقصر، وفرق الأولُ: بأن النفلَ أخفُّ، ولهذا جاز قاعدًا في الحضر مع القدرة على القيام.

(فإن أمكن استقبالُ الراكب في مَرقَدٍ، وإتمامُ ركوعه وسجودِه .. لزمه) لتيسُّر ذلك عليه.

(وإلّا) أي: وإن لم يمكنه ذلك كأن كان على سَرْجٍ ( .. فالأصح: أنه إنْ سَهُلَ الاستقبالُ) بأن كانت الدابةُ واقفةً وسهل إدارتُها، أو انحرافه عليها ( .. وجب) لتيسّره عليه.


(١) صحيح البخاري (٤٥٣٥).
(٢) في غير (أ): (ويستثنى: ما إذا أمن).
(٣) روضة الطالبين (٢/ ٦٤).
(٤) أخرجه البخاري (١٠٩٨)، ومسلم (٧٥١) عن عامر بن ربيعة رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>