للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَحْرُمُ الانْصِرَافُ عَنِ الصَّفِّ إِذَا لَمْ يَزِدْ عَدَدُ الْكُفَّارِ عَلَى مِثْلَيْنَا إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ يَسْتَنْجِدُ بِهَا، وَيَجُوزُ إِلَى فِئَةٍ بَعِيدَةٍ فِي الأَصَحِّ

===

قال الرافعي: وأشعر إيراد الغزالي: تخصيص الوجهين بما إذا تترس الكفار بطائفة من المسلمين في صف القتال؛ فإنه أجاب بالمنع فيما إذا تترس كافر بمسلم. انتهى، وتبعه في "الحاوي الصغير"؛ حيث قال: لا كافر بمسلم (١).

(ويحرم الانصراف عن الصف) ولو غلب على ظنه أنه إذا ثبت قتل في الأصحِّ؛ لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ}، وفي "الصحيحين": "اجْتَنِبُوا السَّبع الْمُوبِقَاتِ"، وعد منها: الفرار يوم الزحف (٢)، (إذا لم يزد عدد الكفار على مثلينا) لقوله تعالى: {فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} الآية، وهو أمر بمعنى الخبر (٣)، وإلا. . لوقع خلاف المخبر عنه، وهو محال.

والمعنى في وجوب المصابرة على الضعف؛ كما قاله القاضي الحسين: أن المسلم يقاتل على إحدى الحسنيين؛ إما أن يُقتلَ فيدخل الجنة، أو يَسْلَمَ فيفوز بالأجر والغنيمة، والكافر يقاتل على الفوز بالدنيا.

(إلا متحرفًا لقتال أو متحيزًا إلى فئة يستنجد بها) للآية، والمراد بالتحرف هنا: الانتقال إلى مكان في موضع الحرب أمكن للقتال؛ لكون موقفه الأول ضيقًا أو في عين الشمس ونحو ذلك، والمراد بالتحيز هنا: الذهاب بنيّة الانضمام إلى طائفة من المسلمين؛ ليرجع معهم محاربًا.

(ويجوز) الانصراف للمتحيز (إلى فئة بعيدة في الأصح) لإطلاق الآية، والثاني: يشترط: أن تكون قريبة؛ ليتصور الاستنجاد بها في القتال وإتمامه.


(١) الشرح الكبير (١١/ ٣٩٩)، الحاوي الصغير (ص ٦٠٦).
(٢) صحيح البخاري (٢٧٦٦)، صحيح مسلم (٨٩) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(٣) كذا في جميع النسخ، و"عجالة المحتاج" (٤/ ١٦٨٩)، والصواب: أن يقال: (وهو أمر بلفظ الخبر) كما في "النجم الوهاج" (٩/ ٣٢٩)، أو: (وهو خبر بمعنى الأمر) كما في "مغني المحتاج" (٤/ ٢٩٨)، والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>