للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَّا أَنَّهُ يَحْرُمُ انْصِرَافُ مِئَةِ بَطَلٍ عَنْ مِئَتَيْنِ وَوَاحِدٍ ضُعَفَاءَ فِي الأَصحِّ. وَتَجُوزُ الْمُبَارَزَةُ، فَإِنْ طَلَبَهَا كَافِرٌ .. اسْتُحِبَّ الْخُرُوجُ، وَإِنَّمَا تَحْسُنُ مِمَّنْ جَرَّبَ نَفْسَهُ وَبِإِذْنِ الإِمَامِ. وَيَجُوزُ إِتْلَافُ بِنَائِهِمْ وَشَجَرِهِمْ لِحَاجَةِ الْقِتَالِ وَالظَّفَرِ بِهِمْ، وَكَذَا إِنْ لَمْ يُرْجَ حُصُولُهَا لَنَا، فَإِنْ رُجِيَ .. نُدِبَ

===

الوجهين في المسألة عقبها؛ في أن الاعتبار بالعدد أم بالمعنى (١).

(إلَّا أنه يحرم انصراف مئة بطل عن مئتين وواحد ضعفاءَ في الأصح) اعتبارًا بالمعنى؛ لأنهم يقاومونهم لو ثبتوا، وإنما يراعى العدد عند تقارب الأوصاف، والثاني: المنع؛ لأن اعتبار الأوصاف يعسر، فاعتبر الحكم بالعدد.

ومأخذ الخلاف: أنه هل يجوز أن يستنبط من النص معنى يخصصه أو لا؟ والأصحُّ: الجواز، والمعنى الذي شرع القتال لأجله -وهو الغلبة- دائر مع القوة والضعف لا مع العدد، فيتعلق الحكم به، والخلاف جارٍ في عكسه، وهو فرار مئة من ضعفائنا عن مئة وتسعة وتسعين من أبطالهم (٢).

(وتجوز المبارزة) للاتباع (٣)، ولا تكره، ولا تندب، (فإن طلبها كافر .. استحب الخروج) إليه؛ لما في الترك من الضعف للمسلمين والتقوية للكافرين.

(وإنما تحسن) المبارزة (ممن جرب نفسه) فعرف قوته وجرأته، أما الضعيف الذي لا يثق بنفسه .. فتكره له ابتداءً وإجابةً، وقيل: تحرم (٤)، (وبإذن الإمام) أو أمير الجيش؛ لأنه قد يظن الإنسان نفسه كفؤًا لها، وقد لا يكون، فاختص بنظر الإمام، فإن بارز بغير إذنه .. جاز على الأصحِّ؛ لأن التغرير بالنفس في الجهاد جائز.

(ويجوز إتلاف بنائهم وشجرهم لحاجة القتال والظفر بهم) لأنه صلى الله عليه وسلم حرق نخل بني النضير، فأنزل الله: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ} الآية، متفق عليه (٥)، (وكذا إن لم يرج حصولها لنا) مغايظةً لهم وتشديدًا عليهم، (فإن رجي .. ندب


(١) روضة الطالبين (١٠/ ٢٤٩).
(٢) وقع (من ضعفائهم) في "الروضة" [١٠/ ٢٤٩]، وهو سبق قلم. اهـ هامش (أ).
(٣) أخرجه البخاري (٣٩٦٩)، ومسلم (٣٠٣٣) موقوفًا على أبي ذر رضي الله عنه.
(٤) والصحيح المنصوص: الأول. اهـ هامش (هـ).
(٥) صحيح البخاري (٤٠٣١)، صحيح مسلم (١٧٤٦) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>