للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمُسْلِمُ بِدَارِ كُفْرٍ إِنْ أَمْكَنَهُ إِظْهَارُ دِينِهِ .. اسْتُحِبَّ لَهُ الْهِجْرَةُ، وَإِلَّا .. وَجَبَتْ إِنْ أَطَاقَهَا. وَلَوْ قَدَرَ أَسِيرٌ عَلَى هَرَبٍ .. لَزِمَهُ، وَلَوْ أَطْلَقُوهُ بِلَا شَرْطٍ .. فَلَهُ اغْتِيَالُهُمْ، أَوْ عَلَى أَنَّهُمْ فِي أَمَانِهِ .. حَرُمَ، فَإِنْ تَبعَهُ قَوْمٌ .. فَلْيَدْفَعْهُمْ وَلَوْ بِقَتْلِهِمْ، وَلَوْ شَرَطُوا أَلَّا يَخْرُجَ مِنْ دَارِهِمْ .. لَمْ يَجُزِ الْوَفَاءُ. وَلَوْ عَاقَدَ الإِمَامُ عِلْجًا يَدُلُّ عَلَى قَلْعَةٍ وَلَهُ مِنْهَا جَارِيَةٌ .. جَازَ،

===

فما معه من المال والأولاد في أمان، فإن شرط الأمان فيهما .. فهو تأكيد، والموضعان في "الشرح" كذلك، قال في "المهمات": والراجح: الدخول (١)، وحكاه البُلْقيني عن نصّ "البويطي"، وقال الأَذْرَعي: إنه المذهب، وعزاه إلى الجمهور.

(والمسلم بدار كفر إن أمكنه إظهار دينه) لقوته وعشيرته ( .. استحب له الهجرة) خوفًا من الميل إليهم، ولا تجب؛ لقدرته على إظهار دينه، (وإلا .. وجبت إن أطاقها) لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} الآية، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "لَا تنقَطِعُ الْهِجْرَةُ مَا قُوتِلَ الكُفَّارُ"، صححه ابن حبان (٢)، وسواء الرجل والمرأة وإن لم تجد محرمًا.

(ولو قدر أسير على هرب .. لزمه) تخليصًا لنفسه من رق الأسر.

(ولو أطلقوه بلا شرط .. فله اغتيالهم) قتلًا وسبيًا؛ لأنهم لم يستأمنوه، (أو على أنهم في أمانه .. حرم) (وفاءً بما التزمه، وكذا إذا أطلقوه على أنه في أمان منهم ولم يستأمنوه على الأصحِّ، (فإن تبعه قوم) بعدما خرج ( .. فليدفعهم ولو بقتلهم) كما في دفع الصائل.

(ولو شرطوا) عليه (ألا يخرج من دارهم .. لم يجز الوفاء) بالشرط، ولزمه الخروج عند المكنة؛ لأن الإقامة غير جائزة، والتزام ما لا يجوز لا يلزم.

(ولو عاقد الإمام عِلْجًا يدل على قلعة) مسماةٍ معينةٍ خَفِيَ طريقُها، أو ليدلهم على طريق إليها خالٍ من الكفار أو سهل أو كثير الماء والكلأ (وله منها جارية .. جاز) وهي


(١) روضة الطالبين (١٠/ ٢٨١، ٢٨٩)، الشرح الكبير (١١/ ٤٦٣، ٤٧٥)، المهمات (٨/ ٤٣٠).
(٢) صحيح ابن حبان (٤٨٦٦) وأخرجه النسائي في "الكبرى" (٨٦٥٤)، وأحمد (٥/ ٢٧٠) عن عبد الله بن السعدي رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>