للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: هَذِهِ الْهَيْئَةُ بَاطِلَةٌ، وَدَعْوَى اسْتِحْبَابِهَا أَشَدُّ خَطَأً، وَاللهُ أَعْلَمُ. وَيُسْتَحَبُّ لِلإِمَامِ إِذَا أَمْكَنَهُ أَنْ يَشْرِطَ عَلَيْهِمْ إِذَا صُولحُوا فِي بَلَدِهِمْ ضِيَافَةَ مَنْ يَمُرُّ بِهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ زَائِدًا عَلَى أَقَلِّ جِزْيَةٍ، وَقِيلَ: يَجُوزُ مِنْهَا،

===

وإقامة الصغار عليه، وعلى الثاني -وهو كونه واجبًا-: لا يجوز شيء من ذلك؛ لأجل فوات الواجب به.

وقوله: (مسلم) قد يفهم: صحة توكيل الذمي قطعًا، ونقلًا عن الإمام طرد الخلاف فيه، وأقراه؛ لأن كلًّا منهما معنيٌّ بالصغار في نفسه (١).

(قلت: هذه الهيئة باطلة) لأنه لا أصل لها، وقد صرح الجمهور بأخذها برفق؛ كأخذ الديون، ونصّ عليه في "الأم" فقال: وإن أخذ منهم الجزية .. أخذها بإجمال، ولم يضرب أحدًا منهم، ولم ينله بقول قبيح، والصغار أن يجري عليهم الحكم، لا أن يضربوا ولا يؤذوا (٢). انتهى. قال الزركشي: ولو اطّلع المصنف عليه .. لاستند إليه.

(ودعوى استحبابها أشدُّ خطأً، والله أعلم) فضلًا عن وجوبها.

(ويستحب للإمام إذا أمكنه: أن يشرط عليهم إذا صولحوا في بلدهم ضيافةَ من يمر بهم من المسلمين) من غني وفقير؛ اتباعًا لعمر رضي الله عنه، وروي مرفوعًا لكنه منقطع (٣)، ولأن فيه مصلحةً؛ لأنهم قد لايبيعون الطعام والعلف للمسلمين، فيتضررون، فإذا شرط عليهم الضيافة .. بادروا إلى البيع؛ خوفًا من نزولهم عندهم.

(زائدًا على أقل جزية)، ولا تجوز منها، لأن الجزية يجب فيها التمليك، والضيافة مبنية على الإباحة، فلم يجز الاكتفاء بها؛ كما لا يجوز التغدية والتعشية في الكفارة، (وقيل: يجوز منها) لأنه ليس عليهم إلا الجزية، وثبت عن عمر رضي الله عنه؛ كما قال في "الذخائر": إنه لم يأخذ منهم مع الضيافة شيئًا آخر، فلعلها بلغت


(١) الشرح الكبير (١١/ ٥٢٧)، روضة الطالبين (١٠/ ٣١٥).
(٢) الأم (٥/ ٤٩٧).
(٣) أخرجه البيهقي (٩/ ١٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>