للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالأَصَحُّ: الْمَنع مِنَ الْمُسَاوَاةِ، وَأَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا بِمَحِلَّةٍ مُنْفَصِلَةٍ .. لَمْ يُمْنَعُوا. وَيُمْنَعُ الذِّمِّيُّ رُكُوبَ خَيْلٍ، لَا حَمِيرٍ وَبِغَالٍ نَفِيسَةٍ،

===

"الإسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ" (١)، ولأن فيه تعظيمًا لهم ومباهاة، وقد قال تعالى: {وَهُمْ صَاغِرُونَ}، ولما يخشى منهم الاطلاع على عورة المسلمين، وهذا المنع لحق الله تعالى؛ إعلاءً لدينه، فلا يسقط برضا الجار.

وقوله: (من رفع): قد يفهم: أنه لو ملك دارًا عالية من مسلم .. لم يكلف هدمها، وهو كذلك؛ كما جزم به الرافعي (٢).

نعم؛ يمنع من الإشراف على المسلمين وطلوع سطحها بلا تحجير، صرح به الماوردي (٣).

(والأصح: المنع من المساواة) لأن المقصود تمييزهم عن المسلمين في المساكن؛ كاللباس والركوب، والحديث يدل على علو الإسلام، ولا علو مع المساواة، والثاني: لا؛ لأنه لم يعل على المسلم.

(وأنهم لو كانوا بمحلة منفصلة) عن المسلمين ( .. لم يمنعوا) من رفع البناء؛ لأن الممنوع المطاولة، وإنما يتحقق ذلك عند وجود بناء، ولانتفاء خوف الاطلاع على عورة المسلمين، والثاني: المنع؛ لأنه استعلاء في دار الإسلام.

(ويمنع الذمي ركوب خيل) لأن فيه عزًّا، وهم أذلاء، ولا فرق بين النفيس وغيره على الأصحِّ، (لا حمير وبغال نفيسة) لأنه لا شرف فيها؛ كذا علله ابن الرفعة (٤)، وألحق الفوراني والإمام والغزالي البغال النفيسة بالخيل، واختاره الأَذْرَعي وغيره (٥)؛ فإن التحمل والتعاظم بركوبها أكثر من كثير من الخيل.


(١) أخرجه البخاري تعليقًا في (الجنائز)، باب: إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه؟ وأخرجه الدارقطني (٣/ ٢٥٢)، والبيهقي (٦/ ٢٠٥) عن عائذ بن عمرو رضي الله عنه، والطبراني في "الأوسط" (٥٩٩٣) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
(٢) الشرح الكبير (١١/ ٥٤١).
(٣) الحاوي الكبير (١٨/ ٣٧٥).
(٤) كفاية النبيه (١٧/ ٦٠).
(٥) نهاية المطلب (١٨/ ٥٤)، الوجيز (ص ٥٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>