للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنِ انْتَقَضَ عَهْدُهُ بِقِتَالٍ .. جَازَ دَفْعُهُ وَقِتَالُهُ، أَوْ بِغَيْرِهِ .. لَمْ يَجِبْ إِبْلَاغُهُ مَأْمَنَهُ فِي الأَظْهَرِ، بَلْ يَخْتَارُ الإِمَامُ فِيهِ قَتْلًا وَرِقًّا وَمَنًّا وَفِدَاءً، فَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَ الاخْتِيَارِ .. امْتَنَعَ الرِّقُّ. وَإِذَا بَطَلَ أَمَانُ رِجَالٍ .. لَمْ يَبْطُلْ أَمَانُ نِسَائِهِمْ وَالصِّبْيَانِ فِي الأَصَحِّ، وَإِذَا اخْتَارَ ذِمِّيٌّ نَبْذَ الْعَهْدِ وَاللُّحُوقَ بِدَارِ الْحَرْبِ .. بُلِّغَ الْمَأْمَنَ.

===

الرافعي ألحق به ما إذا دعاه إلى دينهم (١)، وهو يقتضي الاكتفاء بدعاية إليه، فلو اقتصر المصنف على هذا .. لعلم منه الانتقال من باب أولى.

(ومن انتقض عهده بقتال .. جاز دفعه وقتاله) لأنه صار حربًا لنا في دار الإسلام، وحينئذ يتخير الإمام فيمن ظفر به منهم؛ كما يتخير في الأسير.

وتعبيره بالجواز: يقتضي أنه لا يجب، وعبارة "الروضة" تقتضي الوجوب؛ حيث قال: (فلا بدّ من دفعهم، والسعي في استئصالهم) (٢).

(أو بغيره) أي: القتال ( .. لم يجب إبلاغه مأمنه في الأظهر، بل يختار الإمام فيه قتلًا ورقًّا ومنًّا وفداءً) لأنه كافر لا أمان له كالحربي، والثاني: يجب؛ لأنه دخل دار الإسلام بأمان، فلم يجز قتله قبل الرد إلى المأمن؛ كما لو دخل بأمان صبي.

وفرق الأول: بأن من دخل بأمان صبي يعتقد لنفسه أمانًا، وهنا فعل باختياره ما أوجب انتقاض الأمان.

(فإن أسلم) هذا المنتقض عهده (قبل الاختيار .. امتنع الرق) (والقتل والفداء، بخلاف الأسير؛ لأنه لم يحصل في يد الإمام بالقهر، وله أمان متقدم، فخف أمره.

(وإذا بطل أمان رجال .. لم يبطل أمان نسائهم والصبيان في الأصح) لأنه قد ثبت لهم الأمان، ولم يوجد منهم خيانة ناقضة، والثاني: يبطل؛ لأنهم دخلوا تبعًا، فيزول بزوال الأصل.

(وإذا اختار ذمي نبذَ العهد واللحوقَ بدار الحرب .. بلغ المأمن) لأنه لم يوجد منه خيانة ولا ما يوجب نقض عهده، فبلغ مكانًا يأمن فيه على نفسه.

* * *


(١) الشرح الكبير (١١/ ٥٤٧).
(٢) روضة الطالبين (١٠/ ٣٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>