للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجُوزُ شَرْطُ الْمَالِ مِنْ غَيْرِهِمَا؛ بِأَنْ يَقُولَ الإِمَامُ أَوْ أَحَدُ الرعِيّة: (مَنْ سَبَقَ مِنْكُمَا .. فَلَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَوْ عَلَيَّ كَذَا). وَمِنْ أَحَدِهِمَا؛ فَيَقُولُ: (إِنْ سَبَقْتَنِي .. فَلَكَ عَلَيَّ كَذَا، وَإِنْ سَبقْتك .. فَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ)، فَإِنْ شُرِطَ أَنَّ مَنْ سَبَقَ مِنْهُمَا فَلَهُ عَلَى الآخَرِ كَذَا .. لَمْ يَصِحَّ إلَّا بِمُحَلِّلٍ فَرَسُهُ كُفْءٌ لِفَرَسَيْهِمَا، فَإِنْ سَبَقَهُمَا .. أَخَذَ الْمَالَيْنِ، وَإِنْ سَبَقَاهُ وَجَاءَا مَعًا .. فَلَا شَيْءَ

===

(ويجوز شرط المال من غيرهما؛ بأن يقول الإمام أو أحد الرعية: "من سبق منكما .. فله في بيت المال أو علي كذا") لما فيه من التحريض على تعليم الفروسية، وإعداد أسباب القتال، ولأنه بذل مال في طاعة.

(و) يجوز شرطه (من أحدهما) أي: ويجوز شرط المال من أحدهما (فيقول: "إن سبقتني .. فلك علي كذا، أو سبقتك .. فلا شيء عليك") (١) لأن المقصود من العقد يحصل مع خلوه من القمار؛ لأن عدم إخراج أحدهما بمنزلة المحلل.

(فإن شرط أن من سبق منهما فله على الآخر كذا .. لم يصح إلا بمحلل فرسه كفء لفرسيهما) أي: يمكن سبقه لكل واحد منهما، فإن كان يقطع بتخلفه .. فلا فائدة في إدخاله؛ لقوله عليه السلام: "مَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ -يَعْني- وَهُوَ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَسْبِقَ .. فَلَيْسَ بِقِمَارٍ، وَمَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ وَقَدْ أُمِنَ أَنْ يَسْبِقَ .. فَهُوَ قِمَارٌ" رواه أبو داوود وابن ماجه، وصححه الحاكم (٢).

فإذا كان قمارًا عند الأمن من سبق فرس المحلل .. فعند عدم المحلل أولى، ولأن معنى القمار موجود فيه، فإن كلًّا منهما يرجو الغنم ويخشى الغرم، ولا يشترط أن يكون بين كل اثنين محلل؛ كما يقتضيه كلامه، بل يكفي محلل واحد بين المتسابقين ولو بلغوا مئة.

وقوله: (فرسه) مثال؛ فإن البعير وما يسابق عليه كذلك، والكفء مثلث الكاف: المساوي والنظير.

(فإن سبقهما .. أخذ المالين) لسبقه لهما، (وإن سبقاه وجاءا معًا .. فلا شيء


(١) في (ز): (أو إن سبقتك).
(٢) سنن أبي داوود (٢٥٧٩)، سنن ابن ماجه (٢٨٧٦)، المستدرك (٢/ ١١٤) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>