للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: (أُقْسِمُ عَلَيْكَ بِاللهِ) أَوْ (أَسْأَلُكَ بِاللهِ لَتفعَلَنَّ) وَأَرَادَ يَمِينَ نَفْسِهِ .. فَيَمِينٌ، وإلَّا .. فَلَا. وَلَوْ قَالَ: (إِنْ فَعَلْتُ كَذَا .. فَأَنَا يَهُودِيٌّ أَوْ بَرِيءٌ مِنَ الإِسْلَامِ) .. فَلَيْسَ بِيَمِينٍ، وَمَنْ سَبَقَ لِسَانُهُ إِلَى لَفْظِهَا بِلَا قَصْدٍ .. لَمْ تنعَقِدْ

===

(ولو قال لغيره: "أقسم عليك بالله"، أو "أسألك بالله لتفعلن" وأراد يمين نفسه .. فيمين) لصلاحية اللفظ، ويقدّر في قوله: (أسألك) أنه قال: أسألك ثم ابتدأ الحلف.

(وإلا .. فلا) فشمل ثلاث صور: قصد يمين المخاطب، أو لا يقصد يمينا أصلًا بل الشفاعة، أو يطلق، وفي الثلاثة لا تنعقد؛ لأنه لم يحلف لا هو ولا المخاطب.

(ولو قال: "إن فعلت كذا .. فأنا يهودي أو بريء من الإسلام" .. فليس بيمين) لانتفاء الاسم والصفة، والحلف بذلك معصية، والتلفظ به حرام؛ كما صرح به الماوردي والدارمي، والمصنف في "الأذكار" (١).

ثم إن قصد بذلك تبعيد نفسه عن الفعل .. لم يكفر، أو الرضا به إذا فعله .. كفر في الحال، وإذا لم نكفره .. استحب له أن يستغفر الله ويقول: (لا إله إلا الله، محمد رسول الله) قاله في "زيادة الروضة" (٢) نقلًا عن الأصحاب، وقال صاحب "الاستقصاء": يجب ذلك.

(ومن سبق لسانه إلى لفظها) أي: لفظ اليمين (بلا قصد) كقوله في حال غضبه، أو لجاج، أو عجلة، أو صلة كلام: (لا والله)، و (بلى والله) ( .. لم تنعقد) بل هو لغو اليمين؛ كما قالت عائشة رضي الله عنها في قوله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ}، ورواه أبو داوود مرفوعًا، وصححه ابن حبان (٣).

ولو كان يحلف على شيء فسبق لسانه إلى غيره .. فهو من لغو اليمين.

والمراد من تصويرهم اللغو بـ (لا والله)، و (بلى والله): على البدل لا الجمع، أما لو قال: (لا والله وبلى والله) في وقت واحد .. قال الماوردي: كانت الأولى


(١) الحاوي الكبير (١٩/ ٣٠٩)، الأذكار (ص ٥٧٦).
(٢) روضة الطالبين (١١/ ٧).
(٣) سنن أبي داوود (٣٢٥٤)، صحيح ابن حبان (٤٣٣٣)، وأخرجه البخاري (٦٦٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>