للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَفِي قَوْلٍ: مَا الْتَزَمَ، وَفِي قَوْلٍ: أَيُّهُمَا شَاءَ. قُلْتُ: الثَّالِثُ أَظْهَرُ، وَرَجَّحَهُ الْعِرَاقِيُّونَ، وَاللهُ أَعْلَمُ. وَلَوْ قَالَ: (إِنْ دَخَلْتُ .. فَعَلَيَّ كَفَّارَةُ يَمِينٍ أَوْ نَذْر) .. لَزِمَهُ كَفَّارَةٌ بِالدُّخُولِ. وَنَذْرُ تبرُّر؛ بِأَنْ يَلْتَزِمَ قُرْبَةً إِنْ حَدَثَتْ نِعْمَةٌ أَوْ ذَهَبَتْ نِقْمَة، كـ (إِنْ شُفِيَ مَرِيضِي .. فَلِلّهِ عَلَيَّ أَوْ فَعَلَيَّ كَذَا)، فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ إِذَا حَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُعَلِّقْهُ بِشَيْءٍ كـ (للهِ عَلَيَّ صَوْمٌ) .. لَزِمَهُ فِي الأَظْهَرِ

===

(وفي قول: ما التزم) وفاء به؛ كما في نذر التبرر، (وفي قول: أيّهما شاء) لأنه يشبه النذرَ من حيث إنه التزام قربة، واليمينَ من حيث إن مقصوده مقصود اليمين، ولا سبيل إلى الجمع بين موجبهما، ولا إلى تعطيلهما، فوجب التخيير، (قلت: الثالث أظهر، ورجحه العراقيون، والله أعلم) لما قلناه.

(ولو قال: "إن دخلت .. فعليّ كفارة يمين، أو) قال: إن دخلت فعليّ (نذر" .. لزمه) في الصورتين (كفارة) أي: كفارة يمين (بالدخول) أما في الأولى .. فبالاتفاق؛ تغليبًا لحكم اليمين، وأما الثانية .. فعلى الصحيح؛ للحديث المارّ (١).

(ونذر تبرر) أي: تقرّب (بأن يلتزم قربة إن حدثت نعمة، أو ذهبت نقمة؛ كـ "إن شفي مريضي فلله عليّ، أو فعلي كذا" .. فيلزمه ذلك إذا حصل المعلّق عليه) للحديث المارّ: "مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ الله .. فَلْيُطِعْهُ" (٢).

وقد ذمّ الله أقوامًا عاهدوا ولم يفوا فقال: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ} الآية.

(وإن لم يعلقه) أي: النذر (بشيء كـ "لله علي صوم" .. لزمه في الأظهر) لإطلاق الحديث المذكور، والثاني: لا يصح، ولا يلزمه شيء؛ لأن أهل اللغة قالوا - كما حكاه ثعلب -: النذر هو وعد بشرط ولا شرط هنا؛ فلا نذر.

ومنع الأول هذا؛ لقوله تعالى عن أم مريم: {إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا} الآية، فأطلقت ولم تعلقه على شرط وسمّته نذرًا، وهذا نذر تبرّر أيضًا؛ لأن نذر التبرر قسمان: قسم معلَّق، وقسم غير معلَّق.


(١) في (ص ٤٢٣).
(٢) في (ص ٤٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>