للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ حَكَّمَ خَصْمَانِ رَجُلًا فِي غَيْرِ حَدٍّ للهِ تَعَالَى .. جَازَ مُطْلَقًا بِشَرْطِ أَهْلِيَّةِ الْقَضَاءِ، وَفِي قَوْلٍ: لَا يَجُوزُ، وَقِيلَ: بِشَرْطِ عَدَمِ قَاضٍ بِالْبَلَدِ، وَقِيلَ: يَخْتَصُّ بِمَالٍ دُونَ قِصَاصٍ وَنِكَاحٍ وَنَحْوِهِمَا، وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ إِلَّا عَلَى رَاضٍ بِهِ، فَلَا يَكْفِي رِضَا قَاتِلٍ فِي ضَرْبِ دِيَةٍ عَلَى عَاقِلَتِهِ،

===

اجتهاده أو اجتهاد مقلَّده - بفتح اللام - ويحكم باجتهاد المستخلف .. لم يجز، وهذا كله مبني على جواز استخلاف المخالف في المذهب؛ كالشافعي للحنفي وعكسه، وهو المعروف في المذهب.

(ولو حكّم خصمان رجلًا في غير حدٍّ لله تعالى .. جاز مطلقًا بشرط أهلية القضاء) لأنه وقع لجمع من الصحابة ولم ينكره أحد.

واحترز بقوله: (في غير حدّ لله تعالى): عن حدوده؛ فلا تحكيم فيها؛ إذ ليس لها طالب معين، وهذا الاستثناء من زياداته على "المحرر" (١)، وبقوله: (بشرط أهلية القضاء): عما إذا كان غير أهل .. فلا ينفذ قطعًا.

وقوله: (مطلقًا) أي: سواء كان هناك قاض أم لم يكن، وسواء كان المحكم فيه قصاصًا أم نكاحًا أم غيرهما ممّا سيأتي.

(وفي قول: لا يجوز) لما فيه من الافتيات على الإمام، (وقيل: بشرط عدم قاض بالبلد) أي: محل القولين إذا لم يكن في البلد قاض؛ لأنه حال ضرورة حينئذ، فإن كان .. لم يجز، وقيل: محلهما: إذا كان قاض، وإلا .. فيجوز قطعًا.

(وقيل: يختص بمال) لأنه أخف (دون قصاص ونكاح ونحوهما) كلعان وحدِّ قذف؛ لخطر أمرها فتناط بنظر القاضي، والأصح: عدم الاختصاص، لأن من صحّ حكمه في المال .. صحّ في غيره؛ كالمولّى من جهة الإمام.

(ولا ينفذ حكمه إلا على راض به) في ابتداء التحكيم؛ لأنه المثبت للولاية، فلا بدّ من تقدمه، (فلا يكفي رضا قاتل في ضرب دية على عاقلته) بل لا بدّ من رضا العاقلة؛ لأنهم لا يؤاخذون بإقرار الجاني، فكيف يؤاخذون برضاه؟ !


(١) المحرر (ص ٤٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>