للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقِيلَ: لَا حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِدَعْوَاهُ، فَإِنْ حَضَرَ وَأَنْكَرَ .. صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ. قُلْتُ: الأَصَحُّ: بِيَمِينٍ، وَاللهُ أَعْلَمُ. وَلَوِ ادُّعِيَ عَلَى قَاضٍ جَوْرٌ فِي حُكْمِهِ .. لَمْ تُسْمَعْ، وَتُشْتَرَطُ بَيِّنَةٌ،

===

دعواه؛ كما لو قال: (غصب مني مالًا)، (وقيل: لا حتى تقوم بيِّنةٌ بدعواه) لأنه كان أمين الشرع، والظاهر من أحكام القضاة: جريانها على الصحة؛ فلا يعدل عن الظاهر إلا ببينة؛ صيانة لولاة المسلمين عن البذلة.

وفارق مسألة الرشوة ونحوها؛ فإنه يسهل على المدعي إقامة البينة على الحكم؛ لأنه يقع ظاهرًا، بخلاف أخذ المال، وهذا أصح عند البغوي، قال في "المحرر": ورجحه مرجحون (١).

والمراد: أن المدعي يحضر البينة ليعرف القاضي أن لدعواه صحة، ثم يحضر المعزول فيدعي عليه، وتشهد البينة في وجهه لا أنها تشهد في غيبته.

(فإن حضر) بعد البينة أو من غير بينة (وأنكر) أي: قال: لم أحكم عليه أصلًا، أو قال: لم أحكم عليه إلا بشهادة حرين عدلين ( .. صدق بلا يمين) واستحسنه في "الشرح الكبير" ورجحه في "الصغير" (٢)، واختاره السبكي.

وقال البُلْقيني: إنه المعتمد؛ صيانة له عن التحليف والابتذال بالمنازعات الباطلة.

وقال الزركشي: إنه الصواب، فقد نص الشافعي عليه قال: وهذا فيمن عزل مع بقاء أهليته، فأمّا من ظهر فسقه وجوره وعلمت خيانته .. فالظاهر: أنه يحلف قطعًا.

(قلت: الأصح: بيمين، والله أعلم) لأن أقصى درجات المعزول أن يكون مؤتمنًا، والمؤتمن كالمودع يحلف، ولم يفصح في "الروضة" هنا بترجيح، ورجح في "أصلها" في الباب الثالث من (كتاب الدعاوى): الأول (٣).

(ولو ادُّعي على قاض) حال ولايته (جورٌ في حكمه .. لم تسمع، وتشترط بينة)


(١) التهذيب (٨/ ١٩٤)، المحرر (ص ٤٨٦).
(٢) الشرح الكبير (١٢/ ٤٤٧).
(٣) روضة الطالبين (١١/ ١٣٠، ١٢/ ٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>