للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صَغِيرَةٍ، وَيَحْرُمُ اللَّعِبُ بِالنَّرْدِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَيُكْرَهُ شِطْرَنْجٌ، فَإِنْ شُرِطَ فِيهِ مَالٌ مِنَ الْجَانِبَيْنِ .. فَقِمَارٌ،

===

صغيرة) دون الاجتناب الكلي، فقلَّ من يسلم منها إلا من عصمه الله تعالى.

وقضية كلامه: أن الإصرار على صغيرة مبطل للعدالة مطلقًا، ويخالفه قوله في "الروضة" تبعًا لـ "أصلها": وهل الإصرار السالب للعدالة المداومة على نوع من الصغائر أو الإكثار من الصغائر، سواء كانت من نوع أو أنواع؟ فيه وجهان، ويوافق الثاني قول الجمهور: أن من غلبت طاعاته معاصيه .. كان عدلًا، وعكسه فاسق، ولفظ الشافعي رضي الله عنه في "المختصر" يوافقه؛ فعلى هذا: لا تضر المداومة على نوع من الصغائر إذا غلبت الطاعات، وعلى الأول: تضر (١).

(ويحرم اللعب بالنرد على الصحيح) لحديث: "مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ .. فَكَأَنَّمَا غَمَسَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ" رواه مسلم (٢)، والثاني: أنه مكروه كالشطرنج؛ لكنه أشد كراهة.

والفرق على الأصح: أن وضع الشطرنج لصحة الفكر والتدبر؛ فهو يعين على تدبر الحروب والحساب، والنرد موضوعة على ما يخرجه الكعبان؛ فهو كالأزلام.

(ويكره بشطرنج) لأن الأصل الإباحة، وقد روي اللعب عن جماعة من الصحابة والتابعين، وروى الشافعي عن سعيد بن جبير رضي الله عنه: أنه كان يلعب به وهو مستدبر ولا يراه (٣)، وإنما كره وإن لم يثبت فيه نهي؛ لقول علي رضي الله عنه للاعبين به: ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون (٤)، ولخوف الاشتغال به عن الصلاة، وليس في الباب حديث صحيح ولا حسن.

(فإن شرط فبه مال من الجانبين .. فقمار) فيحرم، فإن أخرج أحدهما المال ليبذله إن غُلِبَ، ويمسكه إن غَلَبَ .. فليس بقمار، بل هو عقدُ مسابقةٍ على غير آلة قتال، ولا يصح.


(١) روضة الطالبين (١١/ ٢٢٥)، الشرح الكبير (١٣/ ٩).
(٢) صحيح مسلم (٢٢٦٠) عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه.
(٣) انظر "سنن البيهقي" (١٠/ ٢١١).
(٤) أخرجه البيهقي (١٠/ ٢١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>