(وإذا لم يكن في القضية إلا اثنان) بأن لم يتحمل غيرهما أو مات الباقون أو جنوا أو فسقوا أو غابوا ( .. لزمهما الأداء) لقوله تعالى: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} أي: للأداء، ولأنه يؤدي فرضًا التزمه في ذمته.
(فلو أدى واحد وامتنع الآخر) بلا عذر (وقال: "احلف معه" .. عصى) وإن كان القاضي يرى الحكم بشاهد ويمين؛ لأن من مقاصد الإشهاد التورع عن اليمين؛ فلا يفوت عليه.
(وإن كان) في الواقعة (شهود .. فالأداء فرض كفاية) لحصول الغرض بالبعض؛ كالجهاد ونحوه، (فلو طلب) الأداء (من اثنين) بأعيانهما ( .. لزمهما في الأصح) لئلا يفضي إلى التواكل، والثاني: لا؛ كالتحمل.
وفرَّق الأول: بأنه هناك طلبهما ليحمل أمانة، وهنا لأدائها.
ومحل الخلاف؛ كما قاله الإمام، وأقراه: ما إذا علم المدعوان أن في الشهود من يرغب في الأداء أو لم يعلما من حالهم رغبةً ولا إباءً، أما إذا علما إباءهم .. فليس ذلك موضع الخلاف (١).
(وإن لم يكن إلا واحد .. لزمه إن كان فيما يثبت بشاهد ويمين) والقاضي المدعو للأداء عنده يعتقد ذلك، (وإلا .. فلا) لأن المقصود لا يحصل به، (وقيل: لا يلزم الأداء إلا من تحمل قصدًا لا اتفاقًا) لأنه لم يوجد منه التزام، والأصح: لا فرق؛ لأنها أمانة حصلت عنده فلزمه أداؤها وإن لم يلتزمها؛ كما لو طيرت الريح ثوبًا إلى داره.
(ولوجوب الأداء شروط: أن يدعى من مسافة العدوى) وهي التي يتمكن المبكر
(١) الشرح الكبير (١٣/ ٧٦)، روضة الطالبين (١١/ ٢٧٢).