للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَهُ أَخْذُ مَالِ غَرِيمِ غَرِيمِهِ. وَالأَظْهَرُ: أَنَّ الْمُدَّعِيَ: مَنْ يُخَالِفُ قَوْلُهُ الظَّاهِرَ، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ: مَنْ يُوَافِقُهُ، فَإِذَا أَسْلَمَ زَوْجَانِ قَبْلَ وَطْءٍ فَقَالَ: (أَسْلَمْنَا مَعًا) .. فالنِّكَاحُ بَاقٍ، وَقَالَتْ: (مُرَتَّبًا) .. فَهُوَ مُدَّعٍ

===

(وله أخذ مال غريم غريمه) بأن يكون لزيد على عمرو دين، ولعمرو على بكر مثله؛ يجوز لزيد أن يأخذ من مال بكر ما له على عمرو، ولا يمنع من ذلك رد عمرو، وإقرار بكر له، ولا جحود بكر استحقاق زيد على عمرو، كذا أطلقاه (١).

واستشكله البُلْقيني: بأن تسليطه على مال غريم غريمه من غير أن يوجد منه ما يقتضي أن للغريم أن يأخذ من ماله بطريق الظفر .. محذور، وخرق لا يصار إليه، ويلزم منه محذور آخر، وهو أن الظافر يأخذ من مال غريم الغريم والغريم لا يدري فيأخذ من غريمه فيؤدي إلى الأخذ مرتين، قال شيخنا: ورأيت المسألة في "تتمة التتمة"، وذكر لها شرطين؛ أحدهما: ألا يظفر بمال الغريم، والثاني: أن يكون غريم الغريم جاحدًا ممتنعًا أيضًا، وبهذا الشرط الثاني ينتفي المحذور الذي ذكره شيخنا أولًا. انتهى.

وأشار بقوله: (أولًا) إلى أن المحذور الثاني لا ينتفي، وقد صرح بالشرط الثاني الذي نقله عن "تتمة التتمة" القاضي الحسين والشيخ إبراهيم المروذي في "تعليقهما"، وكلام البغوي يقتضي التصوير به؛ كما نقله الأَذْرَعي.

(والأظهر: أن المدعي: من يخالف قوله الظاهر، والمدَّعى عليه: من يوافقه) أي: يوافق الظاهر، وهو براءة الذمة، والثاني: أن المدعي: من لو سكت .. خُلِّيَ، ولم يطالب بشيء والمدعى عليه: من لا يُخلَّى، ولا يكفيه السكوت، وينبني على هذين التفسيرين قول المصنف: (فإذا أسلم زوجان قبل وطء فقال: "أسلمنا معًا .. فالنكاح باق، وقالت: "مرتبًا") فلا نكاح بيننا ( .. فهو مُدَّعٍ) على الأظهر؛ لأن المعية خلاف الظاهر، والمرأة مدعىً عليها؛ لموافقتها الظاهر؛ فتحلف ويرتفع النكاح، وإن قلنا: بالقول الثاني .. فالمرأة مدعية، وهو مدعى عليه؛ لأنه


(١) الشرح الكبير (١٣/ ١٥٢)، روضة الطالبين (١٢/ ٦ - ٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>