للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُجَرِّبٌ، وَالأَصَحُّ: اشْتِرَاطُ حُرٍّ ذَكَرٍ، لَا عَدَدٍ وَلَا كَوْنِهِ مُدْلِجِيًّا

===

(مجرب) كما لا يولَّى القضاء من لا علم له بالأحكام، وفسر في "المحرر" التجربة: بأْن يعرض عليه ولد في نسوة ليس فيهن أمه، ثم مرة أخرى، ثم مرة أخرى كذلك، ثم في نسوة فيهن أمه؛ فإن أصاب في الكل .. فهو مجرب.

(والأصح: اشتراط حر ذكر) كالقاضي، والثاني: لا؛ كالمفتي، (لا عدد) كالقاضي، والثاني: لا بد من اثنين؛ كالمزكي.

(ولا كونه مدلجيًّا) لأن القيافة نوع علم؛ فمن علمه .. عمل بعلمه، سواء كان من بني مدلج أم غيرهم، من العرب أو من العجم، والثاني: يشترط؛ لرجوع الصحابة إلى بني مدلج دون غيرهم، وقد يخص الله تعالى جماعة بنوع من المناصب والفضائل؛ كما خصَّ قريشًا بالإمامة.

والأصل في الباب: حديث عائشة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم دخل عليها ذات يوم مسرورًا، فقال: "أَلمْ تَرَي أَنَّ مُجَزِّزًا الْمُدْلِجِيَّ دَخَلَ فَرَأَى أُسَامَةَ وَزَيْدًا عَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ قَدْ غَطَّيَا رُؤُوسَهُمَا وَبَدَتْ أَقْدَامُهُمَا، فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ" متفق عليه (١).

قال أبو داوود: وكان أسامة أسود وزيد أبيض (٢)، قال الشافعي: فلو لم يعتبر قوله .. لمنعه من المجازفة، وهو صلى الله عليه وسلم لا يُسرُّ ولا يُقرُّ إلا على الحق (٣)، ويعضده ما رواه البزار من حديث أنس رفعه: "إِنَّ للهِ عِبَادًا يَعْرِفُونَ النَّاسَ بِالتَّوَسُّمِ" (٤)، وروى أبو أمامة مرفوعًا: "اِتَّقُوا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ؛ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ الله تَعَالَى" (٥).


(١) صحيح البخاري (٦٧٧١)، صحيح مسلم (١٤٥٩/ ٣٩).
(٢) سنن أبي داوود (٢/ ٤٨٥).
(٣) الأم (٧/ ٦٠٦).
(٤) مسند البزار (٦٩٣٥).
(٥) أخرجه الترمذي (٣١٢٧) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>