(وطهارةُ النجَس) الذي لا يُعفَى عنه (في الثوب والبدن والمكان) الذي يُصلِّي فيه؛ لثبوت الأمر باجتنابها بالكتاب والسنة (١)، ولا يجب ذلك في غير الصلاة، فتعين أن يكون الأمرُ فيها، والأمرُ بالشيء نهيٌ عن ضده، والنهي في العبادات يَقتضي الفسادَ، فلزم ما ذكره.
(ولو اشتبه طاهرٌ ونَجِس .. اجتهد) لما مرّ في الأواني، (ولو نَجُس بعض ثوب أو) بعض (بدن، وجُهِل .. وجب غسل كله) لأن الأصل بقاءُ النجاسة ما بقي منه جزءٌ بغير غسل، (فلو ظَنّ طرفًا) أي: من موضعين متميزين، أو من مواضعَ متميزةٍ؛ كأحد طرفي الثوب، وأحد الكُمَّين واليدين والأصابع، فاجتهد وظنّ طرفًا ( .. لم يكف غَسلُه على الصحيح) لعدم جواز الاجتهاد؛ لأن الثوب والبدن واحدٌ، والاجتهاد إنما يكون في شيئين.
(ولو غسل نصف نَجِس ثم باقيه .. فالأصح: أنه إن غسل مع باقيه مجاوره) من النصف المغسول أولًا ( .. طهر كلُّه، وإلّا) أي: وإن لم يغسل معه مُجاوِرَه ( .. فغير الْمُنْتَصَفِ) أي: فيطهر غير المنتصف وهو الطرفان فقط، ويبقى المنتصف نجسًا فيغسله وحده؛ لأنه رَطبٌ ملاقٍ لنجس.
والثاني: لا يطهر مطلقًا حتى يغسل الكلَّ دفعةً واحدةً؛ لأنه إذا تنَجَّس المجاورُ .. لزم تنَجُّس ما يجاور المجاورَ، وهَلُمَّ جَرًّا ... إلى آخره، وهو مبني على أن الثوبَ الرطبَ إذا وقعت عليه نجاسةٌ .. تنجس كلُّه؛ كما هو وجهٌ في "التتمة"، وصحح في "شرح المهذب": أنه إن كان ذلك في جَفْنَةٍ؛ بأن وُضِعَ نصفُه ثم صُبَّ عليه ماءٌ يَغْمُره .. فلا يطهر؛ لملاقاة الماء جزءًا مما لم يغسله، وذلك الجزءُ نَجِسٌ وَرَدَ على
(١) أما الكتاب .. فقوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّر}، وأما السنة .. فما أخرجه البخاري (٣٠٦)، ومسلم (٣٣٣)، والترمذي (٣٤٦)، وابن ماجه (٧٤٦).