للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَتَأَكَّدُ لَهُ بِسُجُودِ الْقَارِئِ. قُلْتُ: وَتُسَنُّ لِلسَّامِعِ، وَاللهُ أَعْلَمُ

===

والقارئُ غيرُ إمامه .. فإنّه لا يسجد؛ لأن الاستماع لقراءة غيرِ الإمام مكروهٌ، فلو سجد .. بَطَلت صلاتُه؛ لأن سببها لم يوجد في صلاته.

وشمل إطلاقه المستمعَ لقراءة محدث وصبي وكافر، وهو الأصحُّ في "الشرح الصغير" و"شرح المهذب" و"التحقيق" و"أصل الروضة"، لكن في "فتاوى القاضي الحسين": أن قراءة الجنب والسكران لا تقتضي سجودَ التلاوة، خلافًا لأبي حنيفة (١).

وذكر المصنف في "التبيان" أنه لا يسجد لقراءة السكران (٢).

وإذا سجد المستمع مع القارئ .. فلا يرتبط به، ولا ينوي الاقتداء به، وله الرفعُ من السجود قبله، قاله في "الروضة"، وفي "الكفاية" عن القاضي: أنه لا يجب، لكن يجوز، وهو لا ينافي كلام "الروضة" (٣).

(وتتأكدُ له) أي: للمستمع (بسجود القارئ) للاتفاق على استحبابه في هذه الحالةِ للمستمع، بخلاف ما إذا لم يسجد .. فإنه لا يُستحب له على وجه.

(قلت: وتسن للسامع، والله أعلم) وهو الذي لم يقصد السماعَ، بل سمع من غير قصد؛ لقوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ}، دخل فيه السامع والمستمع، ومن لم يَسمع بالكلية وإن تناوله الإطلاق أيضًا .. فهو خارج بالاتفاق وإن علم ذلك برؤية الساجدين، ولا يتأكد في حقّ السامع تأَكُّده في حقّ المستمع؛ لقول ابن عباس: (السجدة لمن استمع) رواه البيهقي، وعلقه البخاري بصيغة الجزم عن عثمان، وعمران بن الحصين رضي الله عنهما (٤).


(١) المجموع (٤/ ٦٥)، التحقيق (ص ٢٣٣)، الشرح الكبير (٢/ ١٠٥)، روضة الطالبين (١/ ٣١٩)، فتاوى القاضي حسين (ص ١٠٥).
(٢) التبيان (ص ١٦٢).
(٣) روضة الطالبين (١/ ٣٢٣)، كفاية النبيه (٣/ ٣٦٧).
(٤) سنن البيهقي (٢/ ٣٢٤)، صحيح البخاري، سجود القرآن، باب: من رأى أن الله عز وجل لم يوجب السجود.

<<  <  ج: ص:  >  >>