للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَوْسَطُهُ أَفْضَلُ، ثُمَّ آخِرُهُ، وَأَنْ يُسَلِّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، ويُسَنُّ التَّهَجُّدُ

===

رجُلٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ الله تَعَالَى خَيْرًا مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ، وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ" رواهما مسلم (١)، ولأن الليل محلُّ الغفلة.

(وأوسطُه أفضلُ) من طرفيه إذا قسمه أثلاثًا؛ لأن الغفلة فيه أكثرُ، وأفضل منه: السدسُ الرابع والخامس؛ كما قاله في "الروضة" وغيرها، لما في "الصحيحين": "أَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى الله تَعَالَى صَلَاةُ دَاوُودَ، كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ" (٢)، والمعنى فيه مع مراعاة ما سبق من الغفلة: أن النوم المتقدم فيه على التهجد أكثرُ مما سبق، فيكون أنشط له.

(ثم آخرُه) أفضل من الثلث الأول، ومن النصف الأول أيضًا؛ لأن الله تعالى حَثَّ على الاستغفار بالأسحار، فقل: {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ}، وقال: {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}، فهو محلُّ الرحمة والمغفرة، ولهذا قال تعالى: {إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ}، وسببه: أن أهل المعاصي تنتهي معصيتُهم غالبًا قبل السحر.

(و) الأفضل (أن يُسلِّم من كل ركعتين) ليلًا كان أو نهارًا؛ لحديث: "صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى" متفق عليه (٣)، وفي "السنن" الأربعة: "صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى" وصححه ابن حبان وغيره، وقال البيهقي: إن البخاري سئل عنه فصححه (٤).

(ويُسن التهجد) بالإجماع، واستنبط أبو الوليد النيسابوري من قوله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ} أن المتهجد يشفع في أهل بيته، والتهجد لغة: رفع النوم بالتكلف، وفي الاصطلاح: صلاة التطوع في الليل بعد النوم، قاله القاضي


(١) الأول برقم (١١٦٣) عن أبي هريرة رضي الله عنه، والثاني برقم (٧٥٧/ ١٦٧) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
(٢) روضة الطالبين (١/ ٣٣٨)، صحيح البخاري (١١٣١)، صحيح مسلم (١١٥٩/ ١٨٩) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.
(٣) صحيح البخاري (٤٧٢)، صحيح مسلم (٧٤٩) عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(٤) سنن أبي داوود (١٢٩٥)، سنن الترمذي (٥٩٧)، سنن النسائي (٣/ ٢٢٧)، سنن ابن ماجه (١٣٢٢)، صحيح ابن حبان (٢٤٨٢)، سنن اليهقي (٢/ ٤٨٧) عن ابن عمر رضي الله عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>