للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالأَصَحُّ: أَنَّ الأَفْقَهَ أَوْلَى مِنَ الأَقْرَأ وَالأَوْرَعِ

===

(والأصح: أن الأفقه) وإن لم يحفظ قرآنًا غيرَ الفاتحة (أولى من الأقرأ) وإن حفظ جميع القرآن وهو قليلُ الفقه؛ لأن حاجة الصلاة إلى الفقه أهمُّ؛ لكون الواجب من القرآن محصورًا، والحوادثُ في الصلاة لا تنحصر، والثاني: أنهما سواء؛ لتقابل الفضيلتين، والثالث: أن الأقرأ أولى؛ لحديث: "إِذَا كَانُوا ثَلَاثةً .. فَلْيَؤُمَّهُمْ أَحَدُهُمْ، وَأَحَقُّهُمْ بِالإمَامَةِ أَقْرَؤُهُمْ" رواه مسلم (١).

وأجاب عنه الشافعي: بأن الصدر الأول كانوا يتفهمون معنى الآية، ويتفقهون فيها قبل حفظها (٢)، فلا يوجد منهم قارئ إلا وهو فقيهٌ، وحينئذٍ فالحديث يدلّ على تقديم قارئ فقيهٍ على فقيه ليس بقارئ، ولا نزاع في ذلك.

ويستثنى: ما إذا اجتمع عبد فقيه وحرٌّ غير فقيه، فإن الأصحَّ في "شرح المهذب": أنهما سواء (٣)، لكن صحح فيه وفي "الروضة" في (صلاة الجنازة) تقديم الحرّ (٤)، ولا يظهر فرق بين البابين، ويستثثى أيضًا الصبي، فإن البالغ أولى منه وإن كان الصبي أفقهَ.

(والأورع) أي: والأصحُّ: أن الأفقه أولى من الأورع؛ لأن حاجة الصلاة إلى الفقه أهمّ كما مرّ، والثاني: عكسه، إذ مقصود الصلاة هو الخشوع، والخضوع، والتدبر، ورجاء إجابة الدعاء، والأورع أقرب إلى ذلك، قال الله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}، وكذا يقدم الأقرأ على الأورع؛ كما في "الروضة" عن الجمهور (٥).

والورع: هو مجتنب الشهوات المشتهر بالعبادة، كما قاله في "التحقيق" و"شرح المهذب" (٦).


(١) صحيح مسلم (٦٧٢) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
(٢) الأم (٢/ ٣٠٠).
(٣) المجموع (٤/ ٢٤٨).
(٤) المجموع (٥/ ١٧٤)، روضة الطالبين (٢/ ١٢٢).
(٥) روضة الطالبين (١/ ٣٥٥).
(٦) التحقيق (ص ٢٧٣)، المجموع (٤/ ٢٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>