للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى: (وله غير رسالة إلى الملك الظاهر في الأمر بالمعروف) (١).

وذكر القطب اليونيني رحمه الله تعالى طرفًا من جرأته فقال: (إنه واقَفَ الملكَ الظاهر رحمه الله غير مرة في دار العدل بسبب الحوطة على بساتين دمشق وغير ذلك، وحُكي لي أن الملك الظاهر قال عنه: أنا أفزع منه، أو ما هذا معناه) (٢).

وأما مواجهته لعلماء السوء .. فقد ذكر العلامة ابن العطار رحمه الله تعالى في هذا الشأن رسالته الشهيرة لابن النجار الذي سعى لإحداث أمور باطلة على المسلمين فتصدى له الإمام النووي رضي الله عنه وبالغ في زجره، وكفِّه عن ذلك، فغضب ابن النجار، وبعث إلى الإمام يهدده ويتوعده، فما كان من الإمام إلا أن بادره برسالة تنبئ عن قوته في الحق، وجرأته في إزالة المنكر (٣).

ونحن ننقل لك من آخرها قطعة بليغة، حيث قال رضي الله عنه: ( ... واعلم: أني لا أتعرَّض لك بمكروه، سوى أني أبغضك في الله تعالى، وما امتناعي عن التعرُّض لك بمكروه من عَجْبر، بل أخاف الله رب العالمين من إيذاء من هو من جملة الموحدين، وقد أخبرني من أثق به وبخبره وصلاحه، وكراماته وفلاحه: بأنك إن لم تبادر بالتوبة .. حلَّ بك عقوبة عاجلة، تكون بها آية لمن بعدك، ولا يأثم بها أحد من الناس، بل هو عدل من الله تعالى يوقعه بك؛ عبرةً لمن بعدك.

فإن كنتَ ناظرًا لنفسك .. فبادر بالرجوع عن سيئ أفعالك، وتدارك ما أسلفته من قبيح مقالك ... والسلام على من اتبع الهوى، والحمد لله رب العالمين) (٤).

قال تلميذه العلامة ابن العطار رحمه الله تعالى: (ذو التصانيف المفيدة، والمؤلفات الحميدة، أَوْحَدُ دهره، وفريد عصره، الصوَّام القوَّام، الزاهد في الدنيا، الراغب في الآخرة، صاحب الأخلاق المرضية، والمحاسن السنية، العالم الرباني، المتفق على علمه وإمامته وجلالته، وزهده وورعه وعبادته، وصيانته في أقواله وأفعاله وحالته.


(١) تاربخ الإسلام (٥٠/ ٢٥٤).
(٢) ذيل مرآة الزمان (٣/ ٢٨٣).
(٣) انظر "تحفة الطالبين" (ص ٤٧).
(٤) تحفة الطالبين (ص ٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>