للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ لَازَمَ أَهْلُ الْخِيَامِ الصَّحْرَاءَ أَبَدًا .. فَلَا جُمُعَةَ فِي الأَظْهَرِ. الثَّالِثُ: أَلَّا يَسْبقَهَا وَلَا يُقَارِنَهَا جُمُعَةٌ فِي بَلْدَتِهَا إِلَّا إِذَا كَبُرَتْ وَعَسُرَ اجْتِمَاعُهُمْ فِي مَكَانٍ، وَقِيلَ: لَا تستَثْنَى هَذِهِ الصُّورَةُ، وَقِيلَ: إِنْ حَالَ نَهْرٌ عَظِيمٌ بَيْنَ شِقَّيْهَا .. كَانَا كَبَلَدَيْنِ، وَقِيلَ: إِنْ كَانَتْ قُرىً فاتَّصَلَتْ .. تَعَدَّدَتِ الْجُمُعَةُ بِعَدَدِهَا

===

(ولو لازم أهلُ الخيام الصحراءَ أبدًا .. فلا جمعة) عليهم (في الأظهر) لأن قبائل العرب كانوا مقيمين حول المدينة، وما كانوا يصلونها، وما أمرهم الشارع بها، وهذا؛ لأنهم على هيئة المستوفزين، نعم؛ يلزم من سمع النداء منهم، والثاني: تجب عليهم، ويقيمونها في موضعهم؛ لأن الصحراء وطنُهم، هذا إذا لازموا موضعًا واحدًا صيفًا وشتاء، أما لو كانوا ينتقلون من موضع إلى موضع بسبب المرعى، أو يُصَيِّفون في ناحية، ويَشْتُون في أخرى .. فلا تلزمهم، ولا تصحّ منهم قطعًا.

(الثالث: ألّا يسبقَها، ولا يقارنَها جمعةٌ في بلدتها) وإن عظمت؛ لأنها لم تفعل في زمنه عليه أفضل الصلاة والسلام، ولا في زمن الخلفاء الراشدين إلا في موضع واحد، وحكمته: ظهور شعار الاجتماع، واتفاق كلمة الإسلام.

(إلّا إذا كبرتْ، وعَسُرَ اجتماعُهم في مكان) فتجوز الزيادة بقدر الحاجة؛ لأن الشافعي دخل بغداد وهم يقيمونها في موضعين، فلم ينكره، فقال الجمهور: هذا سببه.

(وقيل: لا تُستثنى هذه الصورةُ) وإنما لم ينكره الشافعي؛ لأن المسألة اجتهادية، وليس للمجتهد الإنكارُ على المجتهدين، وقال السبكي: إن عدم الاستثناء هو الصحيح مذهبًا ودليلًا، وهو قول أكثر العلماء، ولا يُحفَظ عن صحابي ولا تابعي تجويزُه، ولم يزل الناس على ذلك إلى أن أحدث المهدي ببغداد جامعًا آخر، وبسط ذلك.

(وقيل: إن حال نهرٌ عظيم بين شِقَّيها .. كانا كبلدين) لأنه يَجعل الشقين كبلدين، فلا يقام في كل شق أكثر من جمعة، وقائله يحمل عدم الإنكار على ذلك، (وقيل: إن كانت قرىً فاتصلتْ .. تعددت الجمعةُ بعددها) أجرى عليها الحكمَ الأول، وقائله يحمل عدم الإنكار على ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>