للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالسُّجُودُ أَخْفَضُ. وَلَهُ ذَا النَّوْعُ فِي كُلِّ قِتَالٍ وَهَزِيمَةٍ مُبَاحَيْنِ، وَهَرَبٍ مِنْ حَرِيقٍ، وَسَيْلٍ، وَسَبُعٍ، وَغَرِيمٍ عِنْدَ الإِعْسَارٍ وَخَوْفِ حَبْسِهِ، وَالأَصَحُّ: مَنْعُهُ لِمُحْرِمٍ خَافَ فَوْتَ الْحَجِّ، وَلَوْ صَلَّوْا لِسَوَادٍ ظَنُّوهُ عَدُوًّا فَبَانَ .. قَضَوْا فِي الأَظْهَرِ.

===

مسلم" عن ابن عمر رضي الله عنهما (١)، (والسجود أخفض) من الركوع؛ ليحصل التمييز بينهما (وله ذا النوع) أي: صلاة شدة الخوف (في كل قتال وهزيمة مباحين) لأن المنع منه فيه ضرر، ويحرم في القتال المحرم بالإجماع، [والمراد بالمباح هنا: ما لا إثم فيه] (٢) ولو كان واجبًا؛ كقتال البغاة.

(وهرب من حريق، وسيل، وسبع) ونحوه؛ لوجود الخوف (وغريم عند الإعسار، وخوف حبسه) دفعًا لضرر الحبس، وهذا حيث لا بينة له، ولا يصدق فيه، وإذا جوزنا صلاة شدة الخوف لغير القتال .. فلا إعادة على الأظهر.

(والأصح منعه لمحرم خاف فوت الحج) لو صلى العشاء متمكنًا لضيق وقت الوقوف؛ لأنه لا يخاف فوات شيء حاصل، بل يروم تحصيل ما ليس بحاصل، فأشبه خوف فوات العدوّ عند انهزامهم، والثاني: يجوز له ذلك؛ لأن الضرر الذي يلحقه بفوات الحج لا ينقص عن ضرر الحبس أيامًا في حقّ المعسر، وعلى الأول: رجح الرافعي أنه يصلّي مطمئنًا، ويفوت الحج؛ لعظم حرمة الصلاة (٣).

وقال المصنف: الصواب: أنه يؤخر الصلاة، ويقضي، ويحصل الوقوف؛ لأن أمر الحج خطر، وقد جوّزوا تأخير الصلاة لأمور لا تقارب المشقةُ فيها هذه المشقة؛ كالتأخير للجمع (٤).

(ولو صلوا) صلاة شدّة الخوف (لسواد ظنوه عدوًا فبان) الحال بخلافه ( .. قضوا في الأظهر) لعدم الخوف في نفس الأمر؛ كما لو أخطأ في الطهارة، والثاني: لا؛ اعتبارًا بالظاهر، ويجري الخلاف فيما لو رأوا عدوًا فخافوهم فصلَّوها، ثم بان


(١) صحيح مسلم (٨٣٩).
(٢) ما بين المعقوفين زيادة من غير (أ).
(٣) الشرح الكبير (٢/ ٣٤٢).
(٤) روضة الطالبين (٢/ ٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>