للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ في قِتَال الْبُغَاةِ .. فَغَيْرُ شَهِيدٍ, في الأَظْهَرِ، وَكَذَا في الْقِتَال لَا بِسَبَبهِ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَلَوِ اسْتشهِدَ جُنُبٌ .. فَالأَصَحُّ: أَنَّهُ لَا يُغَسَّلُ، وَأَنَّهُ تزالُ نَجَاسَتُهُ غَيْر الدَّمِ ...

===

الحرب حياة مستقرة، (أو في قتال البغاة .. فغير شهيد في الأظهر) أما في الأولى .. فلأنه عاش بعد انقضاء الحرب، فأشبه ما لو مات بسبب آخر، وأما في الثانية .. فلأنه قتيل مسلم، فأشبه المقتول في غير القتال، والثاني: أنه شهيد فيهما؛ أما في الأولى .. فلأنه مات بجرح وُجد فيه، فأشبه ما لو مات قبل انقضائه، وأما في الثانية .. فكالمقتول في معترك الكفار، أما إذا انقضت الحرب وليس فيه إلا حركة مذبوح .. فشهيد قطعًا، وإن انقضت وهو متوقع البقاء .. فغير شهيد قطعًا، ولو كان المقتول من أهل البغي .. فغير شهيد قطعًا.

(وكذا في القتال لا بسببه على المذهب) كما إذا مات بمرض، أو فجأة، أو قتل مسلم؛ لأن الأصل: وجوب الغسل والصلاة عليه، خالفناه فيما إذا مات بسبب من أسباب القتل؛ تعظيمًا لأمر القتال وترغيبا للناس فيه، فبقي ما عداه على الأصل، وقيل: إنه شهيد؛ لأنه مات في معترك الكفار.

(ولو استشهد جنبٌ .. فالأصح: أنه لا يغسل) عن الجنابة؛ لأنها طهارة حدث، فسقط حكمها بالشهادة؛ كغسل الميت، والثاني: يجب غسله؛ لأن الشهادة إنما تؤثر في غسلٍ وجب بالموت، وهذا وجب قبله، وروى ابن حبان والحاكم في "صحيحيهما": أن حنظلة قُتل بأحد جنبًا، ولم يغسله النبي صلّى الله عليه وسلّم، وقال: "رَأَيْتُ الْمَلَائِكَةَ تغسِلُهُ" (١).

وأجيب: بأنه لو وجب .. لم يسقط إلا بفعلنا, ولَمَا اكتفي بغسل الملائكة، ولا خلاف أنه لا يغسل بنية غسل الميت، وإنما النزاع في غسل الجنابة.

(وأنه تزال نجاسته غيرَ الدم) الذي هو من أثر الشهادة؛ لأن الذي نبقيه إنما هو أثر العبادة، وهذه ليست من أثرها، والثاني: لا تزال؛ للنهي عن غسله مطلقًا، والثالث: إن أدى غسلها إلى إزالة أثر الشهادة .. لم تغسل، وإلا .. غسلت.


(١) صحيح ابن حبان (٧٠٢٥)، المستدرك (٣/ ٢٠٤) عن الزبير بن العوام رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>