للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوِ اتّفَقَ فَرْضَانِ كَمِئَتَيْ بَعِيرٍ .. فَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ أَرْبَعُ حِقَاقٍ، بَلْ هُنَّ أَوْ خَمْسُ بَنَاتِ لَبُونٍ، فَإِنْ وُجِدَ بِمَالِهِ أَحَدُهُمَا .. أُخِذَ، وَإِلَّا .. فَلَهُ تَحْصِيلُ مَا شَاءَ -وَقِيلَ: يَجِبُ الأَغْبَطُ لِلْفُقَرَاءِ- وإِنْ وَجَدَهُمَا .. فَالصَّحِيحُ: تَعَيُّنُ الأَغْبَطِ،

===

(ولو اتفق فرضان كمئتي بعير .. فالمذهب: أنه لا يتعين أربع حقاق، بل هنّ، أو خمس بنات لبون) لقوله عليه الصلاة والسلام: "فَإِذَا كَانَتْ مِئَتينِ .. فَفِيهَا أَرْبَعُ حِقَاقٍ، أَوْ خَمْسُ بَنَاتِ لَبُونٍ، أَيُّ السِّنَّيْنِ وُجِدَتْ .. أُخِذَتْ" رواه أبو داوود (١).

وفي قول: تتعين الحقاق؛ لأن تغيير الواجب بالسنّ أكثر من تغييره بالعدد، فكان الاعتبار بالسن أولى، ألا ترى أن الشارع ترقى في نُصُبها إلى منتهى الكمال في الأسنان، وهي الجذعة، ثم عدل بعد ذلك إلى زيادة العدد، فأشعر ذلك بزيادة الرغبة فيه، والطريق الثاني: القطع بالأول، وتأويل الثاني على ما إذا لم توجد الحقاق.

(فإن وجد بماله أحدهما أخذ) وإن كان المفقود أغبط، وأمكن تحصيله؛ للحديث السالف، (وإلا) أي: وإن لم يوجد مسألة واحد منهما، أو وجدا مَعيبين (فله تحصيل ما شاء) من النوعين، فإنه إذا حصل أحدهما .. صار واجدًا له دون الآخر، فيجزئه.

(وقيل: يجب الأغبط) أي: تحصيله (للفقراء) (٢) لأن استواءهما في العدم كاستوائهما في الوجود، وعند وجودهما يجب إخراج الأغبط؛ كما سيأتي.

(وإن وجدهما) بصفة الإجزاء (فالصحيح: تعين الأغبط) لقوله تعالى: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ}، وَالثَّاني -خرجه ابن سُرَيج-: أن المالك بالخيار؛ كما يتخير في الجبران بين الشاة والدراهم، وعند فقد الواجب بين الصعود والنزول، لكن يستحب له إخراج الأغبط إلا أن يكون ولي يتيم ونحوه، فيراعي حظَّه.

والمراد بـ (الأغبط): ما كان فيه مصلحة للفقراء؛ إما لزيادة القيمة، أو لغير ذلك؛ كاحتياجهم إلى الحِقاق؛ لحرث أو حمل ونحوهما؛ كاتبه عليه الرافعي في أثناء الفصل (٣).


(١) سنن أبي داوود (١٥٧٠) عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(٢) عبارة (ب) و (د): (وقيل: يجب تحصيل الأغبط للفقراء) وكلُّه من المتن.
(٣) الشرح الكبير (٢/ ٤٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>