للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: الأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ: لَا تلزَمُ الْحُرَّةَ، وَاللهُ أَعْلَمُ. وَلَوِ انْقَطَعَ خَبَرُ الْعَبْدِ .. فَالْمَذْهَبُ: وُجُوبُ إِخْرَاجِ فِطْرَتِهِ فِي الْحَالِ، وَقِيلَ: إِذَا عَادَ، وَفِي قَوْل: لَا شَيْءَ. وَالأَصَحُّ: أَنَّ مَنْ أَيْسَرَ بِبَعْضِ صَاعٍ .. يَلْزَمُهُ، وَأَنَّهُ لَوْ وَجَدَ بَعْضَ الصِّيعَانِ .. قَدَّمَ نَفْسَهُ، ثُمَّ زَوْجَتَه، ثُمَّ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ، ثُمَّ الأَبَ، ثُمَّ الأُمَّ، ثُمَّ

===

(قلت: الأصح المنصوص: لا تلزم الحرة، والله أعلم) لكمال تسليمها، بخلاف الأمة، فإنها وإن سلمت إليه .. فهي في قبضة السيد، ألا ترى أنَّ له استخدامها والمسافرةَ بها، وحينئذ فلا تكون الفطرة متحولة عنه، وإنما الزوج كالضامن لها، فماذا لم يقدر على الأداء .. بقي الوجوب على السيد كما كان.

(ولو انقطع خبرُ العبد .. فالمذهب: وجوب إخراج فطرته في الحال) أي: في يوم العيد أو ليلته؛ لأن الأصل بقاء حياته، (وقيل: إذا عاد) كزكاة المال الغائب، وفرق الأول: بأن التأخير إنما جوز هناك للنماء، وهو غير معتبر في زكاة الفطر، (وفي قول: لا شيء) بالكلية؛ لأن الأصل براءة الذمة.

ومحل الخلاف: ما إذا لم تنته الغيبة إلى مدة يجوز للحاكم أن يحكم فيها بموته وأنَّ مثله يورث؛ فإن انتهى إلى ذلك .. فلا خلاف في عدم الوجوب، قاله الرافعي في (الفرائض) (١).

ولو لم ينقطع خبر العبد؛ فإن كان في طاعة سيده .. وجبت فطرته، وإن كان آبقًا .. فكالمغصوب والضال، والمذهب: الوجوب.

(والأصح: أن من أيسر ببعض صاع .. يلزمه) اعتبارًا بالميسور، والثاني: لا؛ كبعض الرقبة في الكفارة، وفرق الأول: بأن الكفارة لها بدل، بخلاف الفطرة.

(وأنه لو وَجد بعض الصيعان .. قدَّم نفسه) لحديث: "أبْدَأْ بِنَفْسِكَ ثُمَّ بِمَنْ تَعُولُ" (٢)، (ثم زوجتَه) إن فضل عن نفسه صاع آخر؛ لأن نفقتها معاوضة لا تسقط بمضي الزمان .. فهي آكد، (ثم ولدَه الصغير) لأنه أعجز ممن بعده، ونفقته ثابتة بالنصّ والإجماع، (ثم الأبَ) لشرفه، (ثم الأمَّ) لقوة حرمتها بالولادة، (ثم)


(١) الشرح الكبير (٦/ ٥٢٥).
(٢) أخرجه مسلم (٩٩٧) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما بنحوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>