للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّالِثُ: يَمْنَعُ فِي الْمَالِ الْبَاطِنِ، وَهُوَ النَّقْدُ وَالْعَرْضُ. فَعَلَى الأَوَّلِ: لَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ لِدَيْنٍ، فَحَالَ الْحَوْلُ فِي الْحَجْرِ .. فَكَمَغْصُوبٍ. وَلَوِ اجْتَمَعَ زَكَاةٌ وَدَيْنُ آدَمِيٍّ فِي تَرِكَةٍ .. قُدِّمَتْ، وَفِي قَوْلٍ: الدَّيْنُ، وَفِي قَوْلٍ: يَسْتَوِيَانِ

===

وجبت زكاتُه قطعًا، ومحله أيضًا: ما إذا لم يكن له من غير المال الزكوي ما يقضي به الدين، فإن كان .. لم يمنع قطعًا.

(والثالث: يمنع في المال الباطن، وهو النقد والعرض) دون الظاهر، وهو المواشي، والزروع والثمار، والمعادن، والفرق: أن الظاهر ينمو بنفسه، أو هو نماء في نفسه، والباطنَ ليس كذلك، وإنما ألحق بالنامي؛ لاستعداده للاسترباح بالتصرف فيه وإخراجه، والدين يمنع من ذلك.

والتعبير بـ (النقد) مخرج غير المضروب؛ فالصواب: التعبير بـ (الذهب والفضة).

(فعلى الأول) وهو أن الدين لا يمنع الوجوب (لو حُجر عليه لدين، فحال الحول في الحجر .. فكمغصوب) لأنه حيل بينه وبين ماله؛ لأن الحَجْر مانع من التصرف.

هذا إذا لم يُفرّق القاضي ماله، ولا عَيّن لكل واحد شيئًا من المال بدينه؛ لأن الحَجْر منعه التصرف فأشبه المغصوب، أما إذا عيَّن لكل واحد شيئًا من مال المفلس بحسب التقسيط، وأذن له في أخذه، فحال الحول قبل أخذه .. فنقل الرافعي هنا عن قطع المعظم بأنه لا زكاة؛ لضعف مِلكه، فلو فَرَّق القاضي ماله بين الغرماء .. فقد زال ملكه، فلا زكاة عليه قطعًا (١).

(ولو اجتمع زكاة ودين آدمي في تركة .. قُدمت) لتعلُّقها بالعين، وفي الخبر: "فَدَيْنُ الله أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ" (٢)، ولأن مَصرِفها أيضًا إلى الآدميين، فقدمت؛ لاجتماع الأمرين فيها، (وفي قول: الدين) لأن حقوق الآدميين مبنية على المضايقة، (وفي قول: يستويان) فيوزع المال عليهما؛ لأن الحقّ المالي المضاف إلى الله تعالى يعود إلى الآدميين أيضًا، وهم المنتفعون به.


(١) الشرح الكبير (٢/ ٥٤٧).
(٢) أخرجه البخاري (١٩٥٣)، ومسلم (١١٤٨) عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>