للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَوْ عَجَزَ عَنِ الْجَمِيعِ .. اسْتَقَرَّتْ فِي ذِمَّتِهِ فِي الأَظْهَرِ، فَإِذَا قَدَرَ عَلَى خَصْلَةٍ .. فَعَلَهَا. وَالأَصحُّ: أَنَّ لَهُ الْعُدُولَ عَنِ الصَّوْمِ إِلَى الإِطْعَامِ؛ لِشِدَّةِ الْغُلْمَةِ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْفَقِيرِ صَرْفُ كَفَّارَتهِ إِلَى عِيَالِهِ

===

(فلو عجز عن الجميع .. استقرَّت في ذمته في الأظهر) لأنه عليه السلام أمر الأعرابي أن يكفر بما دفعه إليه مع إخباره بعجزه (١)، فدلَّ على أنها ثابتة في الذمة مع العجز، والثاني: لا، بل تسقط؛ كزكاة الفطر، ولأنه عليه السلام لم يذكر ذلك للأعرابي مع جهله بالحكم.

وأجيب عنه: بأن تأخير البيان إلى وقت الحاجة جائز ولو قدر على البعض.

قال الدارمي في "الاستذكار": إن قلنا: إذا لم يقدر على الكلّ فهو في ذمته .. فههنا أولى، وإن قلنا: يسقط .. فوجهان: أحدهما: يسقط، فلا يخرج شيئًا، والثاني: لا يسقط، فعلى هذا وجهان: أحدهما: يخرج ما معه، ولا شيء عليه، والثاني: يكون في ذمته الباقي.

(فإذا قدر على خصلةٍ .. فعلها) كما لو كان قادرًا عليها حال الوجوب.

(والأصح: أن له العدولَ عن الصوم إلى الإطعام؛ لشدّة الغُلْمة) أي: الحاجة إلى النكاح؛ لأن حرارة الصوم وشدة الغُلْمة قد يفضيان به إلى الوقاع ولو في يوم واحد من الشهرين، فيقتضي استئنافهما، وهو حرج شديد، وفي الحديث: (وهل أُتيت إلا من الصوم) (٢)، والثاني: لا؛ لأنه قادر على الصوم، فلم يجز العدول عنه؛ كصوم رمضان.

(وأنه لا يجوز للفقير صرفُ كفارته إلى عياله) كالزكوات، وسائر الكفارات، والثاني: يجوز؛ لأنه عليه السلام قال للمجامع: "أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ" (٣).

وأجيب عنه بأجوبة؛ منها: أنه ليس في الحديث ما يدلّ على وقوع التمليك، وإنما أراد أن يملكه ليكفر به؛ فلمَّا أخبره بحاله .. تصدق به عليه.

* * *


(١) سبق تخريجه في (ص ٥٨٥).
(٢) أخرجه البزار (٨٠٧٣) عن أبي هريرة رضي الله عنه، وفي "سنن أبي داوود" (٢٢١٣) عن سلمة بن صخر رضي الله عنه نحوُه.
(٣) سبق تخريجه في (ص ٥٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>